كاتب فهد الشمري
لا يسع المرء إلا النظر والتأمل قليلاً في شخصية هذا القائد الهمام، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله -، الذي أذهل العالم كله. وعلى حسب قول بعض الخبراء، فالتغييرات التي أصدرها الملك سلمان - أيده الله - أحدثت تغييراً قوياً وكبيراً، ليس في السياسة الداخلية للمملكة فحسب، بل على مستوى العالم أيضاً، حتى صار من أكثر شخصيات العالم تأثيراً، رغم أنه لم يأتِ لهرم السلطة السعودية إلا منذ أشهر قليلة.
إن الخبرة التي اكتسبها الملك سلمان خلال فترة وجوده حاكماً إدارياً، وقربه من بيت الحكم والملوك الذين سبقوه من هذه الأسرة الحاكمة العريقة، أهَّلته لأن يكون حاكماً حكيماً ومحنكاً فطناً. ولقد استحق بجدارة أن يلقب بالملك المتوج، قبل أن يكون ملكاً فعلياً. فهذا ليس غريباً على سلمان؛ لأن الخبرة توارثها عن أبٍ وجد، وعاش في بيئة سياسية عريقة.
إن المتأمل لهذه التغييرات لا يجد فيها إلا البيان الواضح والصريح من الملك سلمان بأنه لا أحد بمنأى عن التغيير، وأن الجلوس على كرسي الوزارة لم يعد يحتسب لاعتبارات شخصية أو اجتماعية، بقدر ما هو الأداء للعمل، وفهم الواقع المتقلب بسرعة تكاد تصل للمح البصر.
لقد جاءت التغييرات الجديدة لترسم ملامح عميقة وكبيرة في السياسة السعودية الحديثة التي تشهد في هذه الأيام حالة استثنائية، تحتاج فيها لدماء جديدة، كما أنها لا تستبعد الخبرة الطويلة. فلا يعني مثلاً إعفاء الأمير سعود الفيصل من وزارة الخارجية إبعاده عن الساحة السياسية، بل سيظل موجوداً مشرفاً عاماً على السياسة الخارجية، التي تتطلب المتابعة والخبرة معاً.
إن التغييرات التي أطلق عليها بعض الخبراء بعاصفة الحزم السعودية ليست فعالة وحسب، بل إن ثمارها ستكون على المديَيْن القريب والبعيد، كما يوحي للجميع أن من لا يعمل لن يجد له مكاناً، ومن لا يحاول أن يطور من أدائه ومهامه فلن يدوم طويلاً؛ لأن السرعة في الخطوات والحكمة في إصدار القرارات باتا هما السمتَين الوحيدتَين اللتين تتطلبهما السياسة الداخلية والخارجية لأي بلد كان، وخصوصاً إذا ما كان هذا البلد بحجم ومكانة وعمق السعودية.
إنَّ اللحظة الحالية التي تعيشها المملكة تفرض واقعاً غير الذي كنا نعيشه قبل سنوات. فعاصفة الحزم ومن بعدها إعادة الأمل التي تجري على قدم وساق في الشقيقة اليمن، ومواجهة التمدد الإيراني المتنامي في المنطقة العربية بحجة أو بأخرى، تتطلب عملاً دؤوباً وتركيزاً على كل الأحداث المهمة أو غير المهمة؛ لأن الزمن بات يتغير بسرعة كبيرة، وصار من السهل أن يتحول الأليف إلى حيوان مفترس.
من يتأمل في سياسة الملك سلمان - رعاه الله وأيده - يرى فيها القرارات الحاسمة التي لا تقبل القسمة على اثنين، ولا يمكن تفسيرها أو تأويلها إلا بقراءة واحدة، ولغة واحدة، هي لغة الحسم والحزم، التي من خلالها يستطيع الوطن أن يعيش بأمن وأمان واستقرار.. فليست قرارات آتية من فراغ، أو بعيدة عن الواقع، بل هي قرارات تفرضها اللحظة والأحداث التي تعيشها المملكة والعالم بأسره.
ولا ننسى هنا الأحداث الأخيرة التي شهدتها المملكة من ظهور بعض الجماعات المتطرفة التي تبتغي النيل من أمن الوطن واستقراره، عبر الاعتداءات التي قامت بها أو تقوم بها، أو تم إفشالها، أو ما زالت تخطط لها. إن الأمن يحتاج لوزير يملك القرار التنفيذي والسلطوي الأعلى، وسمو الأمير محمد بن نايف قد أثبت من أول يوم أمسك فيه بحقيبة الداخلية عقب وفاة والده الأمير نايف بن عبدالعزيز أنه رجل المواقف والمهام الصعبة، فليس إلا شبلاً من أسد، ورث القوة والحكمة والحنكة عن أبيه وجده. فبالمقارنة مع حجم التحديات الأمنية التي واجهتها المملكة إلا أن ما نُفذ على مستوى الواقع من تلك الجرائم لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، وفي الوقت نفسه لا يلبث الجناة إلا قليلاً حتى يكونوا في قبضة العدالة؛ فكان لا بد من وضع هذا الرجل في أعلى هرم السلطة؛ حتى يكون قريباً من مركز صنع القرار الذي يتطلب أحياناً كثيرة سرعة ودقة في التنفيذ من أجل المصلحة العامة.
إن المتأمل لمسيرة الأمير محمد بن سلمان يجد أنه شاب تربي في كنف والده الذي خبر العمل السياسي والحنكة في إدارة البلاد؛ فكان قريباً من صنع القرار، وقد أثبت كفاءته وبراعته من خلال قيادته لعاصفة الحسم التي أدهشت العالم بأسره، في حنكة قيادته لهذه المعركة.
إن خادم الحرمين الشريفين قد أوصل رسالة إلى جميع مواطنيه بأنه ليس هناك تقديس للرجال، وليس هناك ديمومة في المناصب، بل هناك وطن يجب الحفاظ عليه، ومواطنون لا بد أن يعيشوا في أمن وأمان واستقرار، وأن البقاء للأفضل وليس للأقوى.
حفظ الله خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده وولي ولي العهد، وحفظ الوطن وأمنه واستقراره.