في السابق كان الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي نوعا من الترفيه أو التثقيف غير الإلزامي، كان فضاء» واسعاً بلا حساب وبلا رقيب، لو كنت تكتب أشعاراً كأحمد شوقي أو كنت تكتب شخابيط بالصيني تارة وبالأوردو تارة أخرى، لم يعرفك أحد ولم يعقب أحد وبأحسن الأحوال يرسم لك وجها ضاحكا أو إشارة الإعجاب أو تأخذ نصيبك من كلمات غير لائقة لا تعرف من أين أتت؟ ولم قيلت؟
لكن مع نهضة ثورة المعلومات شيئاً فشيئاً بدأت تلتفت إليها أنظار الحكومة السعودية، بل وبدأت تأخذ الطابع الرسمي والجدي وأصبح هناك قانون لمكافحة الجرائم الإلكترونية، وبدأت الدولة في تفعيل التواصل الإلكتروني الرسمي عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي مثل: الفيس بوك، تويتر، يوتيوب، ديلي موشن، لينكد أن أو البريد الإلكتروني أو حتى عن طريق موقع الوزارة الإلكتروني.
بدأ الوزراء يلتفتون لهذه المسألة ويلقون لها جل اهتمامهم وهو من خلال التواصل مع الجمهور والتفاعل مع طلباتهم فبكل بساطة يمكنك أن تتحدث مع الوزير عن طريق تويتر, وتشتكي وتقترح وتثني عن طريق دوائر التواصل الاجتماعي الإلكتروني، فأنشأت الوزارات إدارات مستحدثة إلى جانب المراكز الإعلامية وإلى جانب المتحدث الرسمي للوزارة فرق خاصة من رجال ونساء ومعظمهم من أجيال الشباب السعودي على معرفة تامة بكيفية التواصل الإلكتروني في دوائر التواصل الاجتماعي بل وأنشأت وحدات لمتابعة طلبات المواطنين والمقيمين كجمهور خارجي مستهدف وطلبات الموظفين والموظفات التابعين للوزارة المعنية كجمهور داخلي مستهدف مثل برنامج (يامر).
فها هنا نرى وزيرا أعفي بسبب فيديو يوتيوب، ونرى مسئولا آخر أعفي بسبب تغريدة له على موقع تويتر ونرى شبابا كرموا بسبب إبداعاتهم على الإنترنت أو التي انتشرت عن طريق الإنترنت، فكم من مبدع أصبح نجماً من خلال هذه المواقع وكم من قضايا اجتماعية وسياسية وقضائية وغيرها لاقت رواجاً عن طريق التواصل الاجتماعي وتفاعل معها حتى أعلى قمة في هذا الوطن وهو خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بل وهناك حساب رسمي على تويتر للملك سلمان بن عبدالعزيز وهو أول ملك سعودي لديه حساب تويتر، فقليل من الزعماء العرب لديهم حسابات على مواقع التواصل الإلكتروني الاجتماعي.
إن الوزراء بعد ذلك أولوا اهتماماً كبيراً بالمواقع الإلكترونية، حتى قراراتهم وتعليقاتهم واقتراحاتهم وتواصلهم مع الجمهور لم تعد بحاجة إلى أن تقف طابوراً عند مدير مكتب الوزير، بل اكتب طلبك إلكترونياً وفريق التواصل الاجتماعي الإلكتروني سيتواصل معك سواء بالاتصال أو الإيميل أو الواتس أب أو من خلال موقع التواصل الاجتماعي وذلك لمساعدتك في تحقيق طلبك.
لم يعد هناك مجال للحيلولة دون التواصل الإلكتروني، ولم يعد هناك مجال دون التعامل مع هذه المواقع بكل حرص وجدية تامة، فهي تعد نافذة المواطن والمقيم السهلة الآمنة إلى الوزراء والجهات الخدمية والإعلامية وغيرها، وهي احد منابر الحكومة السعودية في إيصال وجهات نظرها وقراراتها ومستجداتها وإعلاناتها التوعوية والتثقيفية وغير ذلك الكثير، ولم يعد التواصل الإلكتروني ترفيهاً بل أصبح وسيلة رسمية معتمدة، وهذا التقدم الإلكتروني للحكومة السعودية يسهل الكثير من العمل ويختصر الكثير من الوقت، وحقيقة فإن السعودية تعتبر من أوائل الدول التي تتعامل الكترونياً بالغالبية العظمى من الوسائل وبمعظم إداراتها الحكومية... فهاهنا حكومة الكترونية.. يقابلها شعب الكتروني.