سلطان بن محمد المالك
أثناء تصفحي التقرير السنوي الجديد لهيئة المدن الصناعية (مدن) سرني ما ذُكر فيه من مبادرات رائعة، تبنتها (مدن) مؤخراً، منها إنشاء حاضنات صناعية لدعم مشاريع رواد الأعمال الشباب والمشاريع الصغيرة. هذه الفئة التي لم تجد في السابق من يدعمها في الدخول في مجال المشاريع الصناعية المتوسطة والصغيرة، وتقوم فكرتها على إنشاء مبانٍ بمساحات تتراوح بين 156 متراً مربعاً و204 أمتار مربعة، وتقدَّم للمستثمرين من أصحاب المشاريع المتوسطة والصغيرة مع تسهيلات مالية ولوجستية، منها تزويد هذه المباني بمرافق وخدمات تسهل على المستثمرين المبتدئين إنشاء مشاريعهم الصناعية. وهذه كانت في وقت سابق تمثل أحد أكبر العوائق التي كان يواجهها أي مستثمر صغير يذهب مثلاً لوزارة الصناعة للحصول على ترخيص صناعي أو أرض أو قرض من الصندوق الصناعي؛ إذ كان التمويل في العادة للمشاريع التي تتجاوز 5 ملايين ريال. وتهدف الحاضنات الصناعية إلى خلق فرص عمل جديدة خاصة برواد الأعمال؛ إذ تقوم «مدن» من خلال هذه الحاضنات بمساعدتهم في تحسين وتطوير الأفكار الصناعية، والبدء في إقامة مشاريعهم الصناعية الصغيرة والمتوسطة، وتقديم الخدمات التقنية والاستشارية والفنية لهم، وتهيئة المناخ المناسب لذلك ولفترة محددة كفترة إنتاجية تجريبية لدراسة وتقييم الفكرة، يتم بعدها الدفع بالمشروع الصناعي الناجح لسوق العمل، وإنشاء مشروع صناعي بحجم إنتاجي يواكب حاجة السوق.
وبحسب التقرير، كمرحلة أولى، بدأت «مدن» العمل على إنشاء 162 حاضنة في 3 مدن، هي المدينة الصناعية في الدمام 2 وفيها 56 حاضنة، والمدينة الصناعية في مدينة الجوف بـ 20 حاضنة، وفي المدن الصناعية 2 و4 بمدينة جدة بـ 86 حاضنة.
كما أشار التقرير إلى أن مدن امتدت في دعمها للشباب ليشمل دعم مجالات عمل المرأة في المملكة للإفادة من خبراتها في تعزيز نمو القطاع الصناعي، سواء كمستثمرة أو مديرة أعمال أو عاملة، على حد سواء مع الرجل؛ إذ استحدثت «مدن» مبادرة جديدة لهيئة المدن السعودية، تقوم على دعم عمل المرأة من خلال «واحات مدن». وفكرة هذه الواحات تقوم على إنشاء مدن صناعية بمواصفات عالمية وبنية تحتية، تكون مهيأة لعمل المرأة في مختلف مناطق المملكة.
وكمرحلة أولى، هناك حالياً 4 واحات لهيئة المدن الصناعية، الأولى في الأحساء، وقد ابتدأ العمل عليها، كما يتم الإعداد لإنشاء واحات أخرى في كل من ينبع، والقصيم، وجدة. وقد روعي في تصميم هذه الواحات أن تكون ملائمة لعمل المرأة، وذلك من خلال جوانب تصميمية عدة، مثل بناء المصانع بمعايير نموذجية، فيها ممرات مشاة مخصصة وآمنة، وتوفير عدد من الخدمات، مثل حضانة الأطفال، ومراكز صحية وترفيهية للمرأة، ومطاعم ومقاهٍ، كما أن الصناعات التي سيتم تخصيصها هي صناعات خفيفة (نظيفة)؛ ما يجعلها ملائمة.
في اعتقادي، إن حاضنات وواحات مدن الصناعية مبادرات رائعة جداً، سوف تخلق فرصاً كبيرة للشباب من الجنسين الراغبين فعلاً في الدخول في مجال الاستثمار الصناعي الواعد جداً في بلدنا الغالي. وعلى مدن أن تسعى مشكورة لإيصال وتسويق هذه المبادرات لأكبر شرائح ممكنة في المجتمع لحث الشباب على الدخول في المجال الصناعي. وأقترح أن تتبنى مدن مشروعين لحاضنات ومشروعين للواحات، مع تقديم كامل الدعم لهما حتى يقفا بنجاح، ومن ثم يتم عرض هذه التجارب الناجحة على أكبر نطاق ممكن سعياً نحو جذب رواد الأعمال والسيدات للدخول في مجال الصناعة.