د. عبدالعزيز الجار الله
لا بد من المكاشفة مع الذين ما زالوا في المنطقة الرمادية، يحاولون جر الصراع العربي الإيراني إلى الإطار الطائفي، حديثهم دائما ينصب على حماية الطائفية والاعتراف بها، وتحويل الصراع السياسي إلى صراع طائفي، يدافعون عن إيران وكأنها دولتهم الأم فيبقون لها الولاء على حساب موطنهم وبلدانهم، يدفعون باتجاه الطائفية في دول الخليج وهم يدركون نهايات الدول التي استسلمت لدعوة الكيانات الطائفية، ففتح الباب أمام المذهبية يعني التلاشي، لن يكون هناك شعبٌ ولا أمة ولا وطن واحد، ستجد دويلات وإمارات وجيوب ومستوطنات متفرقة.
إيران منذ (35) سنة وهي تطرح شعار الطائفية وترسيخها بالوطن العربي تحديداً في منطقة الخليج العربي، تدفع باتجاه اعتراف دول الخليج بالطائفية الشيعية رغم علمها بتعددية المذاهب الشيعية، فإذا كان هذا التوجه فإن الجماعات الأخرى السنية ستطالب بطائفتها ومذاهبها السنية العديدة، أيضاً ستكون دعوات للقبلية، والمناطقية إلى أن نصل إلى تلاشي الأوطان وهذا أهم هدف تسعى إليه إيران طوال تاريخها معنا.
عاصفة الحزم كشفت كل أوراق إيران، وأوراق الجماعات الطائفية في منطقة الخليج العربي التي تبطن أهواءها لإيران، سوف تخسر إيران لأنها لا يمكن أن تفصل ما بين الطائفية الدينية وبين المذهبية في تفريعاتها المتعددة في المذهبين السنة والشيعة، أيضاً لا يمكن الفصل بين الطائفية وبين القبلية والمناطقية والجهوية والقوميات والفئوية فهي جميعها سياقاً واحداً لا يمكن فصلها وانتقاء الطائفية الدينية دون غيرها.
نحن في مرحلة دقيقة جداً لا تقبل المساومة، الأولوية للوطن والقبول بالتعددية الثقافية والفكرية تحت راية الإسلام ووحدة الوطن الواحد، فقد سعى مؤسس الدولة الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- إلى توحيد معظم أقاليم الجزيرة العربية، ووحد القبائل والتجمعات السكانية، كما سعى إلى توحيد وتقارب المذاهب والمدارس الدينية والثقافات في دولة واحدة، ولم تكن المذهبية مطروحة إلا مع الثورة الإيرانية عام (1979م) عندما عملت على تصدير الثورة فوجدت نفسها دولة مذهبية وقومية وهي اليوم تجنى حصاد سنوات التعبئة والشحن الطائفي وهو ما يجب أن تتعلمه دول المنطقة وشعوبها ممن يتبنون الطائفية ويدينون بالولاء لإيران نتيجة التوافق المذهبي. إيران التي اشعلت فتيل الطائفية نجدها اليوم تحترق بنار القومية والمذهبية بعد احتلالها للممالك القديمة التي تعود إلى: الأكراد، البلوش، التركمان، الاذار، عرب الأهواز. نجدهم اليوم يطالبون بالاستقلال طائفياً وعرقياً، الاستقلال حسب الطائفة والعرق.