د.علي القرني
من الواضح أن عاصفة الحزم بمفهومها العسكري مستمرة بسبب تعنُّت الحوثيين واستمرار تمرُّدهم على الشرعية الدستورية في اليمن، وبسبب هجماتهم المتكررة على مدن سعودية حدودية،
ومحاولاتهم اليائسة في أن يؤثروا على مجرى المعركة، ونقلها إلى الداخل السعودي.. ولا شك أن هذا التطور الجديد الذي أدخل قوات التحالف في وضعية جديدة بسبب التعنت الحوثي، ومعه أعوان المخلوع علي عبد الله صالح سيقود حتماً إلى وجه آخر من حقائق ومستجدات الحملة العسكرية التي بدأت بعاصفة الحزم وتلتها إعادة الأمل.. ومن الواضح أن عاصفة الحزم 2 هي في طريقها إلى أرض المعركة.
الحوثيون، ومعهم أتباع علي عبد الله صالح تأخذهم العزة بالإثم، وسيواصلون الحرب التي بدأوها منذ سبتمبر الماضي في استلاب الشرعية وتدمير الحياة السياسية وبعثرة الأوراق في اليمن، وبالتالي تسليم هذه الدولة اليمنية إلى إيران لتصبح عاصمة عربية رابعة تقع تحت نفوذ طهران وقم.. وهم حالياً يحاولون أن يستمروا في هذا التوجه التخريبي في استمرار الحرب وتدمير المدنيين ومنازلهم وممتلكاتهم، وحرمان مواطنيهم من الغاز والكهرباء والطاقة البترولية، كما أنهم مستمرون في استهداف المدنيين وقوات المقاومة الشعبية لهم في كافة المدن اليمنية.
ولا شك أن استهداف المدن السعودية هو منعطف خطير في الأزمة مع الحوثيين، حيث يريدون أن يصنعوا مجداً لهم في حرب يائسة مع قوات التحالف، ولكن المملكة العربية السعودية وهي تقود قوات التحالف العربي لن ترضى أن تكون أراضيها ومدنها مستهدفة من مدفعيات الحوثيين، ولهذا فقد قامت بخطوتين إستراتيجيتين لمواجهة الحوثيين، الأولى: ضرب معاقل الحوثيين ومكاتبهم ومقار قياداتهم ومخابئ أسلحتهم في صعدة وأماكن أخرى، وثانيهما: تحريك القوة البرية الضاربة السعودية إلى الحدود اليمنية في خطوة قد يعتقد المراقبون أنها ربما ستسفر عن تدخل بري سعودي عربي لمواجهة الحوثيين في مواقعهم.
فيما يبدو أن الحوثيين لا يزالون يفتقدون الحنكة السياسية والقدرة على تقدير المواقف وتقييمها لما يخدم مصالحهم السياسية في بلدهم اليمن، فلو نظرنا إلى الوراء لعدة أشهر فسنجد أن بإمكان الحوثيين أن يحققوا مكاسب سياسية مع بقائهم في الشرعية اليمنية، فلو سجلوا انسحاب ميليشياتهم من صنعاء وعادوا إلى صعدة، فكانوا سيبقون قوة سياسية مهمة في المشهد اليمني السياسي.. ولو ربما لم يجبروا الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي ورئيس وزرائه خالد بحاح على الإقامة الجبرية وانتزاع القرار السياسي منهما، فلربما لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه اليوم.. ولو لم تضرب قوات علي عبد الله صالح القصر الرئاسي للرئيس الشرعي في عدن، لما وصلوا إلى ما وصلوا إليه اليوم، ولو لما يدخلوا في مغامرة اقتحام عدن وترويع أهلها ومحاولة القضاء على الشرعية الدستورية التي انتقلت هناك لما وصلوا إلى ما صلوا إليه، وأخيراً وليس آخِراً لو أنهم لم يهاجموا الحدود والمدن السعودية لما وصلوا إلى ما وصلوا إليه اليوم.. ولا شك أن مسلسل الإخفاقات الحوثية وانعدام الحكمة في القرار السياسي هو الذي أدى ويؤدي إلى تدمير الحوثيين لأنفسهم وتصغير حجمهم داخل المشهد اليمني، وبالتالي نزع أي شرعية مستقبليه لهم بنفس القيادات الحالية، وبنفس الفكر الحالي الموالي لإيران.
وللأسف، فإن إيران كمرشد عقدي وسياسي للحوثيين وداعم عسكري لهم، هي التي خلقت لهم أوهام الانتصار وهي التي لا تزال تغرر بهم إلى الآن، وستستمر في التغرير بهم إلى ما لا نهاية، حتى ربما يصلون إلى درجة إفلاس كامل سياسياً وعسكرياً وشعبياً.. وربما أن إيران تنتظر معجزة حتى يستعيد الحوثيون، وأتباع المخلوع علي عبد الله صالح مكانتهم وسيطرتهم على مقدرات الحياة السياسية والعسكرية في اليمن، ولكنها لا شك تعرف أن أوراق الحوثيين، ومعهم أوراق الرئيس المخلوع قد سقطت في المشهد السياسي اليمني.
وهذه التهورات السياسية التي طغت على القرار الحوثي، هي التي ستؤدي ربما إلى قرار لقوات التحالف أن تبدأ عاصفة الحزم 2، وحتى إذا لم تعلن بالاسم، إلا أن عاصفة الحزم 2 قد بدأت فعلاً، وهي تعمل على تحييد أي دور عسكري للحوثيين وأتباعهم أو من يتبعون لهم من قوات موالية للمخلوع علي عبد الله صالح.. ولا شك أن الأيام القادمة ستشهد منعطفات خطيرة ستفقد الحوثيين وأتباعهم كل مقدراتهم السياسية والعسكرية في اليمن.