من أكثر متع النساء وأعظم ما يبددن به ضغوطهن وتقلُّب هرموناتهن هو التسوُّق..
قد لا يكون لضرورة بل أكثره لغير حاجة، وإنما لإشباع الحد الأعلى مما ترغب النفس في توافره أو الظهور به..
ولك أن ترى العجب إذا جاء موسم التخفيضات ورأيتهن يجمعن بأيديهن كلها، وكأنها غنيمة حرب، أو قد نادى منادٍ ألا تسوُّقَ بعد اليوم..!
فترى ساحة المعركة وقد تناثرت القطع بها، واختلط مقاسها الصغير بأكبر مقاس, رأسه برأسه..!
وقد دخلتُ نهاية هذا الأسبوع مركز تسوُّق مشهوراً بالرياض بانتقائه أفضل الماركات المعروفة، فرأيت بعض النساء تحمل سلة التسوق بيدها، وتضع قطع الملابس، وغيرها وكأنها تضع معلبات أغذية، والقطعة لا تقل عن المبلغ الفلاني. فأخذت فستاناً أحمر قطنياً، ليس به من التكلفة غير الخياطة، وإذا بسعره يجعله في مصاف فساتين الهوت كوتور «Haute couture»، فأخذت أقرأ عن منشأ صناعته، وأي دولة أوروبية حازت فخر ولادته، فإذا مكتوب به «صنع في سريلانكا»!
ولستُ - وربي - أرى سريلانكا ولا السريلانكيين أقل من غيرهم، وإنما إذا كانت الدول الأوروبية بكبر قدرها تلجأ لليد العاملة الرخيصة؛ لتقلل من التكلفة، فلماذا يُحسب عليّ وعلى غيري القطعة بمبلغها أيام ذروة عزها وهي تُصنع بأيدي البيض كما يطلقون على أنفسهم..!
وهل تستوي يد السريلانكية التي حل بها القشف، ولا تعرف كريمات الترطيب، ولا تجد إلا الكفاف الذي يبلل حلقها أن يجف فتموت، باليد الأوروبية الناعمة التي تملك كل حقوق البشر؟ هل يستوي الأعمى والمبصر يا ناس..؟!
لدي الكثير لأقوله من عجائب ما تحدثه النساء في أسواقهن ومجالسهن، كونوا بخير وسلام.. وحفظ الله البلاد والعباد.