«إنَّ الذي يعيش لنفسه قد يعيش مستريحًا، لكنه يعيش صغيرًا ويموت صغيرًا». العمل التطوعي في المنطقة العربية في ازدياد يومًا بعد يوم، وهذا شيء لا يمكن إنكاره، وكذلك انتشار المبادرات والأعمال التطوعية. وفي نقاش مع الطالبات الجامعيات والجهات الخيرية تحدثنا عن موضوع قلة عدد الشباب والشابات الذين يشاركون في الأعمال التطوعية، وأنّ هذا الأمر لو تم حله فسوف نتقدّم آلاف الخطوات في التنمية المجتمعية والبيئية والصحية.. إلخ.
جيل شبابنا الحالي يفتقر إلى الصبر والعزيمة، وهذا نتيجة أن شعوبنا والأجيال السابقة كانت كذلك وأكثر، للأسف. فمن خلال العمل التطوعي سوف تتعلم الصبر، وسوف تقوي من عزيمتك حتى ترى نتاج عملك أنت وفريقك بعد شهور عدة، أو ربما سنوات!
إحدى أهم مشاكلنا في العالم العربي هي عدم معرفة قيمة الوقت والاهتمام بكل ثانية ولحظة في حياتنا. العمل التطوعي سوف يعالج هذه المشكلة لديك بالتدريج؛ فسوف تستغل كل ثانية في حياتك؛ لكي تستفيد منها، وتتعلم كيف تقوم بتنظيم وإدارة وقتك بشكل جيد. فوقت العمل عمل، ووقت الرفاهية «رفاهية ولعب ومرح».
طوال فترة تطوعي وحتى الآن يوميًا أسمع عن «كتاب» جديد، أو «رواية» جديدة، أو ترشيحات من المتطوعين لقراءة كُتب قد أعجبتهم، أو روايات، أو حتى مشاهدة أفلام وثائقية أو تعليمية، تحتوي على معرفة ومعلومات جيدة ومفيدة.. عملك التطوعي سوف يكون أحد أكبر صناديق المعرفة لديك. الإنسان منّا نصف رصيده في هذه الدنيا سمعته وعمله. العمل التطوعي يقوم بتقوية سمعة كل فرد متطوع بشكل كبير بدون التحدث عن نفسك. سوف تصادف أشخاصًا يذكرون اسمك من ورائك بكل الخير، ويمدحون فيك وأنت لا تعرفهم بشكل شخصي.. إنها مكافأة مجزية، أليس كذلك؟ في العمل التطوعي سوف تسنح لك الفرصة لاكتشاف كل قدراتك الخارقة والإبداعية بدون أي قيود تذكر، بل أحيانًا سوف يساعدك فريقك التطوعي على اكتشاف قدرات جديدة من خلال العمل بمبدأ الفريق الواحد، فأحيانًا سوف تجد من يقول لك أنت جيد في تخصص العلاقات العامة، أو التنظيم، أو التصميم.. إلخ. من الآن فصاعدًا لن تحتاج إلى أدوية أو مواقف خطيرة لاكتشاف قدراتك الإبداعية الخارقة.
في بعض الأعمال التطوعية تعتمد على مساعدة الفقراء والمرضى وكبار السن.. وحتى في العمل التطوعي التنموي، الذي يساهم في أن يعيش بعض الناس حياة أفضل، فسوف تلمس المعنى الحقيقي لكلمة الإنسانية، التي تعلو فوق معظم الكلمات المتناثرة في مجتمعاتنا هنا وهناك بدون تطبيق!
ما ينقص المؤسسات والحكومات في وطننا العربي هو الإحساس بقيمة الفرد نحو المجتمع. العمل التطوعي يبرز ذلك من خلال الأفراد المتطوعين والمؤثرين في المجتمعات بعملهم التطوعي.
شاهد ماذا سيحدث إن تطوع 20 % من الشباب بالوطن العربي. لدينا 350 مليون مواطن عربي، لو تطوع 20 % منهم فقط أي (60 مليون شخص)، لمدة (أربع ساعات) أسبوعيًا! 11 بليون ساعة سنويًا! ماذا يمكن أن يحدث بـ 11 بليون ساعة سنويًا في أعمال (تطوعية) و(تنموية)؟! يمكن بناء 4 ملايين منزل، يمكن تعليم 5 ملايين و600 ألف طفل منهج سنة كاملة للرياضيات، يمكن زرع بليون شجرة، يمكن بناء مليونَيْ مدرسة.. هذا فقط إذا تطوع 20 % من الشباب بالعالم العربي!
سَفَري بَعيدٌ وَزادي لنّ يُبلغَني
وَقُوتي ضَعُفَتْ والموتُ يَطلبُني
وَليِ بَقايا ذُنوبٍ لَسْتُ أعْلمُها
الله يَعْلَمُها في السرِ والعَلَنِ
ماَ أَحْلمَ اللهَ عَنيَ حيْثُ أَمْهَلَني
وقَدْ تَمادَيْتُ في ذنْبيِ ويَستُرُني
تَمُرُّ ساعاتُ أيَامي بلا ندمٍ
ولا بُكاءٍ وَلا خَوفٍ ولا حَزَنِ
قيل لأعرابي: هل تُحسن الدعاء؟!
قال: نعم.
قيل: فادعوا لنا..
قال: «اللهم إنك أعطيتنا الإسلام من غير أن نسألك فلا تحرمنا الجنة ونحن نسألك».