إعداد - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية بـ«الجزيرة»:
لطالما كان الاهتمام ينصب على طرح الموازنة الجديدة والميزانية الفعلية للعام المنصرف، وكان الكل ينتظر هذا اليوم ويترقبه بكل انتباه، ولم نكن نهتم أو نعرف حتى يوم صدور الخطة الجديدة أو يوم متابعة وتقييم الخطة المنتهية. فالخطة كانت بالنسبة لنا تحصيل حاصل لا يضيف جديدًا، بالرغم من أن الخطة وأقسامها وتقديراتها هي الأساس لتحديد توجهات الأداء الاقتصادي في الحاضر والمستقبل.
الآن ومع تعيين المهندس عادل فقيه وزيرًا للاقتصاد والتخطيط، الكل يترقب صناعة وهندسة وزارة الاقتصاد والتخطيط لكي تكون في الصدارة لتحقيق رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- التي أعلنها صريحة «هدفي الأول أن تكون بلادنا نموذجًا ناجحًا ورائدًا في العالم على كافة الأصعدة وسأعمل معكم على تحقيق ذلك». وينبغي معرفة، أن دور وزارة المالية هو رصد الإيرادات وتحديد الجزء المنصرف منها على أوجه الإنفاق المختلفة حسب ما تحدده الخطة السنوية للدولة، التي تحدد كجزء من خطة خمسية أو متوسطة المدى.. أي أن الأساس في التخطيط الاقتصادي هو وزارة الاقتصاد والتخطيط التي تُسير توجهات الإنفاق الحكومي الذي هو يحدد مسار السياسات الاقتصادية.
نعم، السياسة الاقتصادية سواء أكانت سياسة انكماشية أو توسعية تتحدد في رحى الموازنة للعام الجديد «كسياسة مالية»، إلا أن القائد والمحدد لهذه السياسة في الحقيقة هو الخطة الاقتصادية المقترحة للعام الجديد.
حتى الآن، لا يهتم الكثيرون بمعرفة شكل أو نوع السياسات الاقتصادية التي تتبناها الدولة، وهذا سياق كان «رماديًا» بعض الشيء في ضوء غياب الطرح الصريح للسياسة الاقتصادية لوزارة الاقتصاد والتخطيط خلال الفترة الماضية، فنحن كنا نتلمس شكل ونوع السياسة التي يتم تبنيها من خلال تقليل الإنفاق الحكومي أو زيادته مقارنة بالعام الماضي فقط.
الآن، تعتقد «وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية بالجزيرة» أن هذا الوضع سينتهي، ويفترض أن تكون هناك خطة سنوية للحكومة يتم طرحها قبل طرح موازنة العام الجديد، وبالتالي فإننا لن ننتظر كثيرًا شكل الموازنة الجديدة بقدر ما سننتظر شكل وهوية هذه السياسات الاقتصادية التي ستتبناها الحكومة ممثلة في وزارة الاقتصاد والتخطيط.
وبالطبع، ينبغي الإشادة بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الذي يهندس كل هذه التفاصيل، الذي عدل الكثير من الأمور والجوانب الاقتصادية التي كانت تسير بالعرف أو بلا مضمون صريح، التي على رأسها صنع السياسات الاقتصادية. «وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية بالجزيرة» كانت عندما تسعى لبحث موضوع أو قضية اقتصادية معينة، على سبيل المثال قضية الإسكان بالمملكة، فإنها تتجه لتجميع معلومات وتتبع قدر هائل من المعلومات صادرة عن العديد من الأطراف الرسمية وشبه الرسمية، وحتى معلومات صادرة عن الشركات الخاصة.. الأمر الذي كان أدعى إلى وجود نوع من التشتت فيما بين جهود وزارة الإسكان وجهود الصندوق العقاري ومجهودات الوزارات الحكومية الأخرى، وخصوصًا العسكرية منها التي لها جهود ملموسة في مجالات الإسكان والمساكن، وفضلا عن مجهودات شركات التمويل العقارية نفسها.. وكنا نحن الذين نقوم بتجميع الأرقام ورصد الأداء الإسكاني، وهو ما يفعله كل من يسعون لرصد صورة حقيقية وواقعية لتحليل قضية اقتصادية.. وفي اعتقادنا، كان ذلك يتم لغياب دور وزارة الاقتصاد والتخطيط عن الحياة الاقتصادية، فالوزارة كان يفترض أن تقدم لنا فاتورة إنجاز لكافة القضايا والموضوعات الاقتصادية وخصوصًا الشائكة منها سنويًا، ما هو مستهدف منها وما تم بالفعل.
إننا ننتظر أن تقوم وزارة الاقتصاد والتخطيط الآن بدور حيوي في تقديم المعلومات والبيانات الاقتصادية داخل بوتقة واحدة، وخلال فترات زمنية محددة، ونتطلع أن تكون بفترات إبطاء قصيرة.. ونتطلع إلى إحياء حقيقي لمشروعات الاحصاءات والمعلومات العامة وتسريع عجلة التفاصيل فيها.
بل إن التطلع الرئيس من وزارة الاقتصاد والتخطيط، هو تحديث القوالب القديمة التي تم بناؤها لتجميع البيانات والمعلومات بالمملكة، فينبغي التذكير أن غالبية القوالب التي يتم فيها الآن تجميع الاحصاءات الرسمية وعلى رأسها الكتاب الاحصائي السنوي لمصلحة الاحصاءات العامة، هو قالب تم بناؤه وصياغته منذ عشرات السنين تقريبًا، ولا يوجد ما يمنع من مراجعة هذه القوالب والنظر في مدى حاجتها للتحديث.
وإذ تتوقع وحدة الأبحاث والتقارير بالجزيرة، أن يضيف عودة وتحديث وزارة الاقتصاد والتخطيط للحياة الاقتصادية بالمملكة الكثير والكثير، بل سيسهل تقييم أداء الجهات الحكومية المنفذة للخطة السنوية، ماذا قدمت وكيف قدمت؟.
الأهم من كل ذلك، فهو السعي لتحقيق خطة سنوية والتركيز على تفاصيلها، وليس التمسك بخطة خمسية قد تعمل بعزلة تامة عن الواقع الحقيقي السنوي.