الجزيرة - عبدالرحمن المصيبيح / تصوير - فتحي كالي:
بدأت أمس فعاليات مؤتمر الرياض بعنوان «من أجل إنقاذ اليمن وبناء الدولة الاتحادية», الذي يستمر على مدى ثلاثة أيام، وذلك بقصر المؤتمرات للضيافة بالرياض, بحضور فخامة رئيس الجمهورية اليمنية عبد ربه منصور هادي, ودولة نائب رئيس الجمهورية اليمنية رئيس مجلس الوزراء الدكتور خالد محفوظ بحاح، ومعالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني، ونائب الأمين العام لجامعة الدول العربية السفير أحمد بن حلي، ومبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ، وعدد من الأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع اليمني والشباب ومشايخ القبائل والشخصيات الاجتماعية.
وعقب النشيد الوطني بُدئ الحفل الخطابي المعد لهذه المناسبة بتلاوة آيات من القرآن الكريم، ثم ألقى رئيس الهيئة الاستشارية للمؤتمر عبد العزيز الجباري كلمة، أعرب في مستهلها عن تمنياته للمؤتمر بالتوفيق والنجاح والخروج بالمواقف والأهداف الوطنية النبيلة التي رسمت له في هذه المرحلة الدقيقة من نضال الشعب اليمني ضد تحالف (الحوثي - وبقايا النظام السابق) الانقلابي على الشرعية الدستورية وعلى مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل. وبيّن أن انعقاد هذا المؤتمر يأتي لتأكيد دعم الشرعية ورفض الانقلاب والتمسك بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني. وقدم باسم الحكومة والشعب اليمني الشكر الجزيل والتقدير الوافر للأشقاء في المملكة العربية السعودية، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله -، على استضافة المؤتمر وتقديم كامل الرعاية وتوفير كل إمكانيات نجاحه، موصلاً الشكر للأشقاء في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والأمانة العامة للمجلس على كل التسهيلات والدعم والمساندة التي سهلت انعقاد هذا المؤتمر.
وقال رئيس الهيئة الاستشارية: «إن انعقاد مؤتمر الرياض جاء تلبية لدعوة من فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي، وبطلب منه لأخيه لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وأشقائه قادة دول مجلس التعاون، الذين تجاوبوا ووافقوا على عقد هذا المؤتمر تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي صاحب المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التي أخرجت اليمن بسلام خلال أحداث ثورة 2011م الشبابية الشعبية السلمية، وجنبته الحرب الأهلية. وقد جاء طلب فخامة الأخ الرئيس أثناء إقامته في مدينة عدن الباسلة بعد إفلاته من حصار المليشيات الانقلابية في صنعاء؛ وذلك بغرض أن يستكمل الأشقاء في مجلس التعاون جهودهم المباركة لإنقاذ اليمن بعد أن أوصلها الانقلابيون إلى طريق مسدود منذ شروعهم في مسيرتهم المسلحة حتى اقتحامهم صنعاء في 21 سبتمبر الماضي، وانتهاء بشنهم حربًا مفتوحة على سائر المحافظات اليمنية، وفي مقدمتها مدينة عدن الباسلة التي صمدت وما زالت صامدة أمام الهمجية والقتل المفتوح الذي يمارسونه ضد الأبرياء وسكانها المدنيين المسالمين». وأوضح الجباري أن الهيئة الاستشارية للمؤتمر عقدت اجتماعات متواصلة منذ النصف الأخير من شهر مارس الماضي لتدارس أوضاع اليمن، والتحضير لمؤتمر الرياض بصورة دقيقة، تهدف إلى جعل المؤتمر محطة فاصلة في تاريخ اليمن المعاصر، وتجعل منه نقطة انطلاق جديدة، ليس فقط لإسقاط الانقلاب واستعادة الشرعية بل لوضع مخرجات مؤتمر الحوار الوطني قيد التنفيذ، والتوجه نحو بناء الدولة اليمنية الاتحادية المعاصرة. مشيراً إلى أن القرار الدولي 2216 جاء داعمًا ومساندًا لعقد مؤتمر الرياض الذي ستعد مقرراته وإعلانه مع القرار 2216 سقفًا لأي مفاوضات قادمة تتم برعاية دولية. وأكد ثقة الشعب اليمني بدعم المجتمع الدولي في ظروفه الحالية، وفي مقدمته الأمم المتحدة وأمينها العام ومبعوثه، وأن أي حلول سياسية في اليمن يجب أن تنطلق من التنفيذ الكامل والفوري لقرار مجلس الأمن 2216 وليس التفاوض حوله كما يريد الانقلابيون. وقال: هذا ما يجب أن يدركه العالم كله.. أن تنفيذ القرار 2216 دون قيد أو تلكؤ هو الخطوة الأولى والصحيحة باتجاه عودة الاستقرار إلى اليمن وعودة الشرعية لممارسة مهامها الدستورية، وما عدا ذلك ليس أكثر من إضاعة للوقت وإغراق اليمن في مزيد من الصراع الدموي. وأضاف: من هذا المقام ندعو أطراف الحرب على الشرعية إلى أن يعودوا إلى رشدم، وما زال في الإمكان إنقاذ اليمن؛ فلا أنتم حققتم ما تريدونه، ولا أنتم قادرون على ذلك، وقد عانى شعبنا اليمني تحت وطأة استيلائكم على الحكم بقوة السلاح معاناة لم يسبق أن عانى مثلها طوال العقود السابقة حتى أصبحت الأوضاع الإنسانية على شفا كارثة حقيقية مع اختفاء كل مظاهر الحياة ومتطلبات استمرارها.. فالعالم لن يعترف بكم، ولن يتناقض مع نفسه، ولن يقبل أن تسيروا باليمن في اتجاه غير ما توافق عليه أبناؤه في مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي كنتم جزءاً منه - للأسف - وانقلبتم عليه. ودعا رئيس الهيئة الاستشارية للمؤتمر أبناء اليمن إلى جعل مؤتمر الرياض مؤتمرًا تاريخيًا توافقيًا تصالحيًا، يبرز للعالم من خلاله الوجه المشرق للشعب اليمني الذي ينشد السلام والأمن والاستقرار، ويرغب في أن يعيش حياة كريمة هادئة، يسودها العدل والحرية والرخاء. وقال: العالم كله معنا في هذه القاعة، فليكن مؤتمرنا هذا نقطة إشعاع ومحطة انطلاق لبناء يمن المستقبل، اليمن الاتحادي العادل الذي سيجد فيه كل أبناء الشعب اليمني حقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبحياة سعيدة طالما كانوا ينشدونها. وجدد رئيس الهيئة الجباري في ختام كلمته الثقة بأن مؤتمر الرياض سيكلل بالنجاح، وسيخرج بالنتائج المرجوة منه في دعم مسيرة السلام والحوار القائمة على أساس الشرعية الدستورية والتوافق باتجاه استكمال تنفيذ ما تبقى من مهام الفترة الانتقالية وفقًا للمبادرة الخليجية المدعومة من المجتمع الدولي.. وقال: نحن على ثقة بأننا سنلتقي قريبًا في اليمن، وسنواصل مسيرة بنائه وإعماره وتنفيذ مخرجات حواره الوطني.
عقب ذلك ألقى معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني كلمة، حيا فيها الشعب اليمني على إصراره على تغليب الحكمة واختيار الحوار طريقًا لتحقيق الأهداف والغايات التي يتطلع إليها. ونقل الزياني تحيات وتقدير أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون، وأصحاب السمو والمعالي وزراء الخارجية جميعًا، وتمنياتهم للمؤتمر بالنجاح والتوفيق، وتأكيدهم الدائم والمتواصل بالوقوف مع الجمهورية اليمنية ومساندتها للخروج من المحنة التي قادتها إليها قوى الشر التي لا تريد الخير لليمن وشعبه. وأعرب عن تقديره لفخامة الرئيس عبدربه منصور هادي لمبادرته الحكيمة بالدعوة إلى عقد هذا المؤتمر في الرياض تحت مظلة الأمانة العامة لمجلس التعاون، وبمشاركة مختلف الأطراف السياسية اليمنية الراغبة في المحافظة على أمن اليمن واستقراره. وقال: لقد حدد فخامة الرئيس غايات هذا المؤتمر في مجموعة من الأهداف، هي المحافظة على أمن اليمن واستقراره في إطار التمسك بالشرعية ورفض الانقلاب عليها، وعدم التعامل مع ما يسمى بالإعلان الدستوري ورفض شرعنته، وإعادة الأسلحة والمعدات العسكرية التي تم الاستيلاء عليها إلى الدولة، وعودة الدولة لبسط سلطتها على مجمل الأراضي اليمنية، والخروج باليمن من المآزق إلى بر الأمان بما يكفل عودة الأمور إلى نصابها واستئناف العملية السياسية وفقًا للمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني، وأن لا تصبح اليمن مقرًا للمنظمات الإرهابية والتنظيمات المتطرفة ومرتعًا لها. وأكد أن انعقاد هذا المؤتمر التاريخي في مدينة الرياض دليل واضح على المساندة المتواصلة التي تقدمها دول مجلس التعاون لليمن منذ بداية الأزمة في فبراير 2011 حتى هذه اللحظة، والدعم المستمر الذي قدمته - وما زالت - حتى ينطلق اليمن لتحقيق أمنه واستقراره، وينعم بالنماء والازدهار ابتداءً من إعداد وتبني المبادرة الخليجية وحشد تأييد المجتمع الدولي لدعم العملية السياسية السلمية، وتنظيم مؤتمرات أصدقاء اليمن لدعم الاقتصاد والمسيرة التنموية. وأضاف: كان المجتمع الدولي يتابع العملية السياسية في اليمن باهتمام وإعجاب، ووقف داعمًا لنتائجها ومخرجاتها إلا أن انقلاب القوى المناوئة للشرعية عطل العملية السلمية الانتقالية، وأخذ الحل السياسي إلى منحى آخر عنوانه القتل والدمار والخراب، وجاءت عاصفة الحزم استجابة لطلب فخاة الرئيس وردًا حاسمًا على أطماع القوى المناوئة للشرعية ومن يساندها من الخارج. وقال: لقد اختارت قوى الشر أن تعبث بأمن اليمن واستقراره، وتتخذ اليمن منطلقًا لتهديد أشقائها من دول مجلس التعاون، وعلى الأخص المملكة العربية السعودية. ولقد حقق التحالف العربي الإسلامي بقيادة المملكة العربية السعودية إنجازًا كبيرًا بحمد الله، وأوقف زحف تلك القوى لاحتلال المحافظات اليمنية كافة، ودمر ترسانتهم العسكرية بما تحتوي عليه من صواريخ باليستية وُجهت لأقرب جيران اليمن (المملكة العربية السعودية)، وأحكم التحالف الطوق برًا وبحرًا وجوًا لمنع تزويدهم بأسلحة جديدة. وأضاف الدكتور الزياني: ثم جاءت عملية إعادة الأمل من أجل إحياء أمل الشعب اليمني، وتقديم العون والدعم له في هذه الظروف القاسية التي فرضتها عليه القوى المناوئة للشرعية، وتمثلت في المبادرة الكريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لتقديم مبلغ 274 مليون دولار استجابة لدعوة الأمم المتحدة لتوفير مساعدات الإغاثة الإنسانية، وأرسلت دول مجلس التعاون والمنظمات الدولية قوافل الإغاثة إلى اليمن، كما بادرت المملكة بافتتاح مركز الملك سلمان للإغاثة الإنسانية والأعمال الخيرية برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين - رعاه الله - الذي أعلن تخصيص مليار ريال إضافية لتمويل احتياجات المركز. كما أعلنت قيادة التحالف العربي الإسلامي هدنة إنسانية لمدة خمسة أيام من أجل تسهيل إيصال مساعدات الإغاثة الإنسانية للشعب اليمني. وأكد معالي الأمين العام لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية عزم وتصميم دول المجلس على مواصلة جهودها لاستكمال ما تم إنجازه من خطوات جادة نحو تعزيز التكامل والشراكة بين منظومة مجلس التعاون واليمن، ودعم جهود التنمية فيها، واستكمال العملية السياسية وفق المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة مع متابعة التنفيذ الدقيق والكامل لقرار المجلس رقم 2216 الذي برهن صدوره على وحدة موقف المجتمع الدولي ودعمه لأمن واستقرار اليمن، وأثبت نجاح الدبلوماسية الخليجية والعربية في تحقيق إجماع دولي نصرة لليمن وشعبه العزيز. وقدم الدكتور الزياني التهنئة لمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ أحمد، متمنيًا له التوفيق والنجاح في مهمته، ومؤكداً له دعم مجلس التعاون ومساندته لجهوده النبيلة مستذكرًا ببالالتقدير ما بذله «جمال بن عمر» من جهود مشهودة خلال السنوات الأربع الماضية، وقال: إن هذا المؤتمر التاريخي فرصة سانحة لأبناء اليمن لترسموا مستقبل يمن سعيد وآمن، ولتبرهنوا للعالم أنكم أهل الحكمة ودعاة السلام. تحملتم المسؤولية التاريخية بكل عزة وإباء، ولبيتم نداء الواجب الوطني، ودعوة فخامة الرئيس حبًا في اليمن وحرصًا على أمنه واستقراره وسيادته وسعيًا لتحقيق تطلعات أبنائه في وطن مستقل حر وعزيز وحياة آمنة ومستقرة وعيش كريم. وأبدى تطلعه أن تكون نتائج هذا المؤتمر انطلاقة إلى الحل السياسي المنشود، وتؤدي إلى مصالحة شاملة مبنية على القيم الأصلية التي يؤمن بها الشعب اليمني، ونتائج تجمع ولا تفرق، توحد ولا تشتت، وتحقق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي كان نموذجًا مشرفًا للعمل السياسي السلمي وضرب به اليمن مثالاً رائعًا أمام المجتمع الدولي. وأعرب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عن الشكر والتقدير لحكومة المملكة العربية السعودية برئاسة خادم الحرمين الشريفين على استضافتها الكريمة لأعمال المؤتمر وما قدمته من تسهيلات ودعم وعناية، كان لها أبرز الأثر في تنظيم المؤتمر، ولسفراء دول الـ14 على الدعم الذي قدمته دول المجموعة لجهود دول مجلس التعاون لمتابعة تنفيذ المبادرة الخليجية ومساندة العملية السياسية بصورة متواصلة ومؤازرة جهود التنمية الاقتصادية من خلال مجموعة أصدقاء اليمن.
بعد ذلك ألقى فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية كلمة، استهلها بقوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّه جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّه عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِه إِخْوَانًا}. وأكد فخامته أن هذا المؤتمر المهم والاستثنائي يأتي في ظل ظروف بالغة التعقيد والخطورة، وفي ظل تحديات وصعوبات كبيرة تواجه شعبنا بعد أحداث مأساوية تعرض لها من جراء الانقلاب الوحشي الهمجي لمليشيات الحوثي وصالح، الذي حصل في الـ 21 من سبتمبر الماضي وما بعدها، وما نتج منه من احتلال للعاصمة صنعاء وقصف للقصر الرئاسي في عدن ومحاولة اغتيال رئيس الجمهورية مرات عديدة، والسيطرة بقوة السلاح على مؤسسات الدولة المختلفة، ونهب معسكرات الدولة. ولم تكتفِ قوى الانقلاب بذلك بل راحت تعلن الحرب والتعبئة العامة على شعبنا اليمني العظيم في عدد من المحافظات والمدن، واجتاحت تلك المليشيات الجنوب وحاضرته الأبرز مدينة عدن، وعاثت مسيرتهم الشيطانية خراباً وتدميراً في كل مدن وقرى يمننا الحبيب، وبوحشية لا مثيل لها. وأوضح فخامته أن انطلاق مؤتمر الرياض في هذه اللحظة التاريخية تحت عنوان «إنقاذ اليمن وبناء الدول الاتحادية» يكتسب أهمية استثنائية كبيرة بوصفه المحطة السياسية الأبرز بعد الانقلاب، وتقع علينا جميعاً مسؤولية تاريخية فارقة نظراً للوضع الاستثنائي الذي يمر به الشعب اليمني العزيز، مؤكداً أن المؤتمر هو مؤتمر لأبناء الشعب اليمني بمختلف مكوناته وأطيافه السياسية والاجتماعية، ولا يمكن مطلقاً أن يتم استثناء أي طرف طالما كان أمن واستقرار اليمن هدفه، وبناء الدولة المدنية الاتحادية غايته، دون استعلاء أو ادعاء أو استقواء. ووجّه فخامة الرئيس اليمني رسالة إلى الشعب اليمني قائلاً: شعبنا اليمني العظيم الصابر والمناضل الذي تحمّل أعباء الحرب وتعنت وصلف المليشيات وحصارها الظالم.. تلك المليشيات التي صادرت حقه في الحياة الكريمة مثل بقية شعوب العالم، فاحتلت المدن والمؤسسات، وقتلت المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ، وضربت بالمدفعية الثقيلة التجمعات السكنية الآمنة، واستأثرت بمقدرات الدولة، ولم يسلم منها حتى النفط والغاز، إضافة لكل أسباب الحياة الأخرى، مستخدمة إياها كوسيلة قذرة لإذلال أبناء شعبنا. ولا شك لدينا أن شعباً يعيش كل هذه الظروف الصعبة بصبرثبات وإيمان لهو شعب عظيم ومنتصر بإذن الله، فبطولاته النادرة ومقاومته الأسطورية في وجه تلك المليشيات وحلفائها وأعوانها سيخلدها التاريخ بأحرف من نور. يؤلمنا كقيادة لهذا البلد أن نرى وطننا تحت حصار المليشيات الانقلابية، ويؤلمنا قلق الأطفال وأنين الكبار وأسئلة الشباب عن المستقبل.. تؤلمنا مشاهد النزوح الجماعي من مدن حولتها المليشيات إلى أشباح.. يؤلمنا أن نرى مدناً كانت حواضر للعلم والثقافة والمدنية والحياة والتسامح فحولتها تلك القوى المتوحشة والظلامية إلى مدن أشباح بعد أن قصفتها وهجّرت أهلها.. تؤلمنا طوابير المواطنين بحثاً عن فرص الحياة في ظل عصابات الموت.. تؤلمنا مشاهدة أبناء شعبنا وهم إما عالقون في المطارات والعواصم أو نازحون في المخيمات.. غير أننا نعدكم برغم كل ذلك بأن الفرج سيكون قريباً بإذن الله، وأن مصير الهمجية لم يكن يوماً غير مزبلة التاريخ. ستنتصر بلادنا، وسيعود وطننا بهياً شامخاً عالياً. ستنتصر مدنية عدن وثقافة تعز وبسالة الضالع وحضارة مأرب وتاريخ صنعاء. ننحني إجلالاً لهذا الشعب العظيم ولمقاومته البطلة، لشبابه الأطهار الأخيار، لرجال المقاومين العظماء، ولكل الرافضين لتمدد المليشيات ومصادرة الدولة. تحية لكم جميعاً، ونؤكد لكم أننا معكم وبكم بعون الله سننتصر. وأقول لأبناء الجنوب الأحرار: ثقوا دائماً بأننا لن نسمح مطلقاً بالالتفاف أو الانتقاص من عدالة القضية الجنوبية ومحوريتها. وأكرر ما قلته سابقاً في خطابي السابق لأبطال المقاومة في عدن وتعز والضالع ومأرب وأبين وشبوه والبيضاء، وفي كل قرانا ومدننا الثائرة: لله دركم أيها الأبطال الشجعان، وصبر جميل، فلا ولن تذهب تضحياتكم هدراً. ووجَّه الرئيس اليمني رسالة للعالم الحر أجمع، قال فيها: نؤكد لكل من يسمعنا من أحرار العالم أننا عندما جئنا إلى قيادة الدولة ومعنا جميع القوى الحية جئنا عقب عملية تغيير سلمية رائدة، انتظمت فيها الغالبية من أبناء شعبنا، وكان في صدارة تلك العملية نضال الحراك الجنوبي السلمي وثورة الشباب الشعبية السلمية. جئنا ونحن ندرك أننا نرث نظاماً سياسياً لبث لأكثر من ثلاثة عقود، صنع فيها نظامه الخاص، وعبث فيها بفكرة الدولة، وجمع حوله من المنتفعين والموالين للعائلة لا للوطن، وحين ذهبنا لترتيب أوراق البلد الذي تهب عليه العواصف من كل مكان كانوا هم يدربون المليشيات ويحفرون الأنفاق وينهبون الدولة. كنا نخطط للبناء وللمتقبل وكانوا يوظفون كل إمكانيات الدولة العميقة للانقضاض على مشروع جميع اليمنيين في الحياة الكريمة والعدالة والمواطنة المتساوية والشراكة الحقيقية في السلطة والثروة. وقال: إلى كل أحرار العالم نقول إن الشعب اليمني كان يسير في مسار سياسي، أنتجته المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وتوافقت كل الأطراف على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل. وبينما كنا نعرض مسودة الدستور ليتم مراجعتها لاستفتاء الشعب عليها ولاستكمال باقي الاستحقاقات السياسية للخروج بالوطن إلى رحاب الاستقرار السياسي والاجتماعي، وبينما كان حبر مسودة الدستور لم يجف بعد، جاءت مليشيات مسلحة متحالفة مع رموز النظام السابق مسنودة بدعم خارجي لتنفذ انقلابها، وليدمروا كل شيء، وليتركوا الوطن في طريق في الخراب والعنف والفوضى، فمزقوا النسيج الاجتماعي، ودمروا الاقتصاد الوطني، وانتهكوا أعراف السياسة، وعرضوا الأمن المحلي والإقليمي والدولي للخطر، وأجهضوا الانتقال السلمي للسلطة الذي اتفقنا عليه جميعاً في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية؛ ولهذا فإننا ندعو أحرار العالم أجمع لمساندة اليمن في محنته وأزمته الصعبة، والوقوف معه سياسياً واقتصادياً وأمنياً، وتقديم مساعدات إغاثية عاجلة له، إضافة لمساعدته في إعادة الأعمال بعد استعادة الدولة. وتحدث الرئيس عبد ربه منصور هادي للمؤتمرين قائلاً: إليكم أيها المؤتمرون الحاضرون مؤتمر الرياض.. إن شعبنا اليمني العظيم ينظر إليكم في هذا اليوم كحبل أمل يتشبث به من بين ركام المعاناة التي يعيشها بسبب تداعيات الانقلاب الغاشم. هذا المؤتمر الذي يأتي ليؤكد الاحتشاد السياسي والاجتماعي الرافض للانقلاب ومخرجاته؛ لأننا هنا نناضل من أجل استعادة وطننا المغتصب، الوطن الذي أنهكته المليشيات، وانقلبت فيه على كل المخرجات، وصادرت العملية السياسية التي أنتجتها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية مستخدمة سياسة فرض الأمر الواقع بالقوة العسكرية المسنودة بالدعم الخارجي. إنني أطالبكم بأن تكونوا على قدر المسؤولية التاريخية والاستثنائية لإنقاذ الوطن والمواطن، واستعادة الدولة ومؤسساتها، وبناء اليمن الاتحادي الجديد الذي نحلم به جميعاً، القائم على العدل والمساواة والمستند للنظام والقانون. لا تضيعوا أوقاتكم هدراً في نقاشات مفتوحة هامشية وشعبكم يعاني الويلات والآلام. اقتربوا من صوت الشعب ومعاناته وتطلعاته. ركزوا على تهيئة الظروالصحية لتنفيذ ما سبق أن تم الاتفاق عليه، وأوجدوا من الصيغ المرنة ما يحقق أهداف الشعب في استعادة دولته وإعادة بنائها على أساس اتحادي جديد، فلا مجال إلا للقوى الفاعلة والحية والصادقة مع وطنها وشعبها الحريصة على أمنه واستقراره. فشعبنا ينتظر الخلاص، ويتوق للاستقرار والبناء والنماء. يكفيه ما هو فيه من العناء، ولن يتحقق ذلك إلا بإنهاء الانقلاب ودعم الشرعية وعودة مؤسسات الدولة ونزع السلاح وبسط سلطة الدولة على أراضيها كافة، والالتزام بالمسار السياسي. وعليكم أيها الحاضرون أن ترتقوا إلى مستوى تضحيات شعبكم وبسالة أطفاله وصبر شيوخه وتحمل نسائه، وتذكروا جيداً وأنتم هنا في هذه الأجواء ما يريده شعبكم منكم. إنها والله لمسؤولية كبرى، إنها والله أمانة في أعناقنا جميعاً. وتوجه الرئيس اليمني في كلمته برسالة للمملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - وإلى الشعب السعودي الشقيق قائلاً: شكراً كثيراً على ما قدمتموه للشعب اليمني في كل المراحل ومختلف الظروف، شكراً للاستجابة لدعوتنا وإتاحة الفرصة لانعقاد هذا المؤتمر في الرياض، شكراً على ما تقدمونه من دعم إغاثي إنساني رائع، ليس بآخرها دعمكم السخي بمبلغ «274.000.000» دولار لأعمال الإغاثة، وكذلك تدشين مركز الملك سلمان للإغاثة الإنسانية، الذي سيكون له دور بارز في الإغاثة باليمن. فأنتم السند والعون. وأضاف: الشكر موصول للأشقاء كافة في دول مجلس التعاون الخليجي الذين لم يخذلونا أبداً، وكانت مواقفهم ثابتة داعمة ومساندة لليمن وقضاياه وهموم أبنائه. فنحن منكم وإليكم كجزء أصيل، وأساسي من النسيج الخليجي. نتطلع إلى التئام النسيج الواحد، واللحمة الواحدة، فالتاريخ والحاضر يشهدان بكل وضوح أننا نسيج واحد، وقضية وهمّ واحد. علينا جميعاً أن نحسن الاستفادة من هذه اللحظة التاريخية لنواجه جميعاً التحديات المصيرية التي تعصف بالمنطقة. وخاطب فخامة الرئيس اليمني قيادة التحالف العربي بقوله: لقد مثل التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن علامة فارقة على تعافي الجسد العربي في تلبية نداء اليمنيين، لإنقاذهم من حالة الفوضى والخراب التي أنتجتها الأيادي المتسللة لمنطقتنا، تعبث بالأمن والاستقرار. وأنا هنا بالنيابة عن الشعب اليمني أتقدم بالشكر والتقدير للاستجابة العاجلة والسريعة بالحزم والأمل لإنقاذ وطننا الحبيب من تغول عصاباباعت ضميرها الوطني بلا مقابل، سوى المنافع الخاصة، على حساب الوطن والعروبة والثقافة والجوار. ومن الضرورة بمكان العمل على تحقيق الأهداف الاستراتيجية لعاصفة الحزم، وإعادة الأمل، وضمان انسحاب المليشيات من المدن التي احتلتها، وعدم السماح لتلك المليشيات باستغلال الهدنة لمزيد من التمدد وقتل المدنيين. وتوجّه الرئيس عبد ربه منصور هادي برسالة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بالعمل على مراقبة تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 الذي صدر تحت الفصل السابع، وأن تضطلع بدورها في حماية أبناء الشعب اليمني، وقال: ونرحب بأي جهود دولية تدفع نحو التنفيذ الكامل دون انتقائية لبنود القرار الأممي الأخير، وتلتزم بالمرجعيات الواردة فيه المتمثلة في الاعتراف بالشرعية الدستورية والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وبمخرجات الحوار الوطني الشامل، إضافة لما يخرج به مؤتمرنا هذا كأساسي لأي نقاشات، ووفقاً لضمانات واضحة ومحددة، تمنع الالتفاف أو التأخير المتعمد. واختتم فخامته كلمته متمنيًا للمؤتمر التوفيق والنجاح والخروج بما يلبي تطلعات الشعب اليمني الصابر، وقال: لتعلموا أن لا مجال أمامكم إلا النجاح، والنجاح فقط «. وجدد الشكر والعرفان للأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربي ومبعوثها الخاص وموظفيها على الترتيب وحسن الإعداد لهذا المؤتمر، ولأعضاء اللجنة التحضيرية على جهودهم المميزة.
ثم أُلقيت كلمة الدول الداعمة للمرحلة الانتقالية، ألقاها السفير البريطاني لدى اليمن أدموند فيتن، مؤكداً أن الالتزام بمخرجات الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة باليمن من شأنه الحفاظ على وحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه, حاثاً جميع الأطراف على العمل مع مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد بنوايا حسنة لإكمال عملية المرحلة الانتقالية السياسية التي تلبي تطلعات الشعب اليمني، وقال: إننا نرفض بشدة استخدام العنف، وندين الأعمال الأحادية كافة التي تقوض المرحلة الانتقالية السياسية. معرباً عن قلقه بشأن الاحتياجات الإنسانية للشعب اليمني, ومؤكداً أن مجموعة السفراء الـ14 ترحب باستجابة المملكة العربية السعودية لنداء الأمم المتحدة لإغاثة اليمن، والبدء بالتوقف الإنساني لإطلاق النار. ودعا السفير البريطاني جميع الأطراف إلى احترام وقف إطلاق النار، والعمل على تمديده, مشيراً إلى أن المجموعة تؤكد الحاجة إلى منظومات التفتيش الجوي والبحري للعمل بكفاءة كما هو مذكور بقرار مجلس الأمن الدولي 2216؛ وذلك للسماح بالحركة القانونية للسفن وللطائرات الضرورية؛ حتى لا تتم إعاقة المساعدات العاجلة للشعب اليمني. وأشار إلى تقديم الدعم الكامل للجنة الدولية للهلال الأحمر ومكتب التنسيق للشؤون الإنسانية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وللجنة العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ولجان الهلال الأحمر الخليجي لمساعدة اليمنيين المحتاجين, مؤكداً أهمية العمل الجماعي للمجتمع الدولي لمنع تقديم الأسلحة لأطراف يمنية محددة أو لمن ينتهك قرار مجلس الأمن.
عقب ذلك ألقى الأمين العام المساعد للجامعة العربية أحمد بن حلي كلمة، توجه من خلالها بخالص التحية والتقدير إلى المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - على موقفها التضامني والأخوي، ووقوفها الحازم والثابت مع شقيقتها الجمهورية اليمنية في المحنة الأليمة التي تتعرض لها، والاستجابة السريعة لنداء الشرعية اليمنية ومساعدتها في مواجهة الأخطار التي كادت تعصف بالدولة اليمنية وبوحدة اليمن وسلامته الإقليمية ومقدراته وسيادته الوطنية. وقال: تندرج مبادرة تنظيم هذا المؤتمر المهم ضمن الجهود المقدرة والمتواصلة التي تقودها المملكة العربية السعودية بروح المسؤولية القومية، وفي إطار صيانة الأمن القومي العربي. وتجسد هذا الموقف في عملية «عاصفة الحزم»، ومن بعدها عملية «إعادة الأمل»، من أجل إنقاذ اليمن من الانهيار والحرب الأهلية - لا قدر الله - ولردع محاولة الحوثيين ومَن معهم ومَن وراءهم للانقلاب على الشرعية الدستورية اليمنية والخروج على الإرادة الجماعية للشعب اليمني والإجهاز على مقومات دولته وتفكيك نسيجه الاجتماعي ووحدة شعبه التي انصهرت عبر تاريخه العريق وحضارته الراسخة الجذور. وأعرب ابن حلي عن شكره لفخامة الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية على الدعوة الكريمة لمشاركة جامعة الدول العربية في أعمال هذا المؤتمر المهم، قائلاً: الشكر موصول إلى مجلس التعاون الخليجي العربي برئاسته الحالية دولة قطر الشقيقة، ولمعالي الأمين العام لمجلس التعاون عبداللطيف الزياني على رعايته وعلى احتضانه لهذا المؤتمر الذي نتمنى ونتطلع أن ينقذ ويكون الأمل في خروج اليمن من هذه الأزمة. وأتمنى للسفير إسماعيل ولد الشيخ أحمد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن التوفيق في مهمته، وأؤكد له من هذا المنبر دعم جامعة الدول العربية لإنجاح مساعيه الحميدة، مع التنويه بالجهود المقدرة التي قام بها سلفه جمال بن عمر. وقال: أود في هذا الصدد التذكير بالموقف العربي تجاه التطورات في اليمن، الذي أكدت عليه القمة العربية التي انعقدت بمدينة شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية في نهاية مارس الماضي، المتمثل في الترحيب والتأييد الكامل للإجراءات العسكرية التي يقوم بها التحالف للدفاع عن الشرعية في اليمن، وذلك استناداً لمعاهدة الدفاع العربي المشترك وميثاق جامعة الدول العربية وإلى الادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، وانطلاقاً من مسؤولياته في حفظ سلامة الأوطان العربية ووحدتها الوطنية وحفظ سيادتها واستقلالها. وبيّن الأمين العام المساعد للجامعة العربية أن القمة العربية طالبت جماعة الحوثيين بالانسحاب الفوري من العاصمة صنعاء والمدن الأخرى والمؤسسات والمصالح الحكومية، وإعادة تطبيع وضع الأمن في العاصمة ومحافظاتها الأخرى، وكذلك إعادة الأسلحة الثقيلة والمتوسطة إلى السلطة الشرعية الدستورية، وكذلك وقوف الدول العربية كافة إلى جانب اليمن قيادة وشعباً في حربه المفتوحة ضد الإرهاب وأعمال القرصنة. وقال ابن حلي: أؤكد دعم جامعة الدول العربية لما يقرره اليمنيون في هذا المؤتمر الذي نتطلع أن يشكل انطلاقة جديدة وجادة لتوفير الاحتياجات اللازمة لتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني اليمني الشامل استناداً إلى مبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربي وآلياته التنفيذية وقرارات جامعة الدول العربية، وكذلك قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة. ونطالب في المقام الأول جماعة الحوثيين باحترام الهدنة الإنسانية في اليمن، والسماح لقوافل الإغاثة بإسعاف المتضررين ومدهم بالاحتياجات الضرورية للحياة، كالغذاء والدواء والوقود، والعمل على إيجاد المناخ الملائم لاستمرار الهدنة وترسيخها، والانخراط في عملية استئناف تنفيذ مخرجات المؤتمر الوطني الذي يُعد السبيل الأمثل لإعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع اليمن ومعالجة مختلف جوانب الأزمة وتحقيق تطلعات الشعب اليمني في التغيير نحو الأفضل وتكريس المسار الديمقراطي واستحقاقاته وإنجاز المشروع التنموي الكفيل بإعادة الاستقرار إلى اليمن وتحقيق النهضة الشاملة التي يسعى إليها والتي انتفض من أجلها. وأشاد الأمين العام المساعد للجامعة العربية بالمبادرة الكريمة لخادم الحرمين الشريفين بتأسيس مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الخيرية، وبالمساهمة السخية لليمن، وقال: ندعو الدول العربية الشقيقة وأصدقاء اليمن إلى مضاعفة الجهود لتقديم أشكال المساعدات والغوث الإنساني كافة للتخفيف من معاناة اليمنيين وإنقاذ ملايين الأرواح من آثار هذه الكارثة الإنسانية التي يتعرض لها الشعب اليمني الشقيق. وجدد في ختام كلمته دعم جامعة الدول العربية لما سيصدر عن المؤتمر، قائلاً: إنه مؤتمر الأمل. فليعمل الجميع على تحقيق وتجسيد الأمل الذي يتطلع إليه الشعب اليمني الشقيق، ومعه الأشقاء العرب وأصدقاء اليمن، وفيقدمتهم الدول الـ14 التي تدعم جهود اليمن في الخروج من هذه الأزمة، وتحقيق تطلعات هذا البلد الشقيق الذي يعتبر أحد المكونات والمرتكزات للأمن القومي العربي.
ثم ألقى مبعوث الأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ أحمد كلمة نيابة عن معالي الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، شكر من خلالها فخامة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ودولة نائب الرئيس خالد بحاح على تنظيم المؤتمر. وقال: نأمل من المساهمة من خلال هذا المؤتمر بالتوصل إلى حل سلمي دائم في اليمن. وفي هذا الإطار أود أن أشكر الرئيس هادي والشعب اليمني على دعمهم لجهود المبعوث الخاص إلى اليمن. كما أود أن أثني على دول مجلس التعاون الخليجي على الدعم والتعاون مع الأمم المتحدة في مجال الوقاية من النزاعات وحلها وبناء السلام، وبخاصة فيما يتعلق بالأزمة اليمنية. وأضاف بأن المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية كانت ميزاناً على هذا التعاون المثمر بين منظمتينا؛ ولهذا علينا الاستمرار في العمل معاً إلى جانب اليمنيين من أجل إرجاع اليمن إلى درب السلم الذي يقوده نحو الاستقرار والرخاء. وخير ميزان على هذا التعاون هو الدور البنّاء الذي اضطلعت به دولة الإمارات العربية المتحدة في استضافتها على مدى أكثر من عشرة أسابيع لجنة صياغة الدستور التي نشأت في إطار المبادرة الخليجية. وقال: إن الأمم المتحدة تقر بأن دول مجلس التعاون الخليجي لها دور محوري في إنهاء معاناة الشعب اليمني ودعم الحل السياسي السلمي للأزمة اليمنية المستمرة؛ فلطالما واجه اليمنيون في كافة أنحاء البلاد مستويات مأساوية من المعاناة والعنف على مدة الأشهر الماضية؛ ولهذا تكتسي الهدنة الإنسانية القائمة حالياً أهمية قصوى، تمنح اليمنيين فسحة لطلب المعونة الطبية واستجلاب السلع الأساسية العاجلة التي لم يتمكن معظم اليمنيين من الوصول إليها حتى الآن وهم في أمسّ الحاجة إليها. يجب الآن أن تتحول هذه الهدنة الإنسانية إلى وقف دائم لإطلاق النار، وأن تنتهي كل أعمال العنف أياً كان نوعها. ومن أجل إتاحة الفرصة للأمم المتحدة لتوفير هذه المساعدات الإنسانية العاجلة أجدد من هذا المنبر مناشدة الأطراف كافة ضمان تنفيذ وصول الهيئات الإنسانية وشركائها.
بعد ذلك بدأت أعمال الجلسات المغلقة لمؤتمر الرياض «من أجل إنقاذ اليمن وبناء الدولة الاتحادية».