إبراهيم بكري
«لك أن تختار أن تبقى أمام الشاشة لتشاهد تتويج البطل وتحزن لخسارة فريقك البطولة أو أن تعيش معي الفرحة مهما كان ميولك هذا المساء عقد قران زواجي, هيا تعال شاركني الفرحة»!
هذه رسالة نصية أرسلها شاب رياضي لجميع أصدقائه لكي يشاركوه فرحة زواجه مساء الجمعة الماضية تزامناً مع تتويج نادي النصر بطل دوري عبداللطيف جميل.
الكثير من الشباب لبوا دعوة العريس ولم يشاهدوا مباراة التتويج بمختلف ميولهم لتجمعهم قاعة الفرح.
هذا الشاب الجازاني إبراهيم عبدالفتاح الحازمي أشعل قناديل الفرح بين مشجعي كل الأندية ذلك المساء باختياره التوقيت المناسب وربط مناسبة فرحه بالحدث الرياضي.
على الطاولة المستديرة بقاعة الفرح جلسوا سوياً النصراوي والهلالي والاتحادي والأهلاوي لم يكن في تلك الليلة محور الحديث الرياضة كان الجميع يتحدث عن زي العريس!
في ثقافة جازان النقش على الأبدان لغة للحب وعنوان الفرح, أبصرت أعيننا في طفولتنا على أكف الأمهات المنقوشة بالحناء, حتى عندما كبرنا سمعنا صوت محمد عبده يصدح:
مثل صبيا في الغواني ما تشوف
ناشرات الفل والنقش اليماني في الكفوف
حتى عندما نتغزّل في حب الوطن نبوح بكلمات شاعرنا علي صيقل:
وشم على ساعدي نقش على بدني
وفي الفؤاد وفي العينين يا وطني
لكن هذه المرة «النقش» اختلف ليجسد صورة من أروع صور البر, هذا الشاب العريس اليتيم «إبراهيم» لم ينس ليلة فرحة والديه, غابت أجسادهما الطاهرة برحيلهما عن الدنيا, لكنها لم تغب في «زي العريس» نقش على زي الفرح «الدقلة» في ساعده اليمن اسم أبيه «عبده» وفي الجهة الأخرى اسم أمه «شريفة» فكان كل من يصافحه ويعانقه يستوقفه مشهد الوفاء العظيم.
هذا الشاب الجازاني بفكرته الرائعة أخرج الشباب الرياضيين من تعصبهم لأنديتهم ليعشوا معه في تلك الليلة الفرح بعنوان البر.
الكثير في جازان بمواقع التواصل الاجتماعي أفردوا مساحات لتهنئة العريس والإشادة بقصة الوفاء التي نقشها على بدنه.
لا يبقى إلا أن أقول:
النقش على بدنك يا «إبراهيم» سيبقى خالداً في ذاكرة جازان, فرحم الله الأم الحنون «شريفة» والأب العظيم «عبده», وهنيئاً لهما بهذا الابن الوفي الذي أخرج الكرة من ملعب الرياضيين ليسجل هدفاً جميلاً في مرمى البر...
** هنا يتوقف نبض قلمي، وألقاك بصحيفتنا «الجزيرة» كل أربعاء وأنت - كما أنت - جميلٌ بروحك. وشكراً لك.