(1) تكبر
من باب الحب في الله والتواصل بين الجيران اللذين أوصانا بهما أشرف الخلق كانت (أم محمد) سيدة فاضلة تراعي الله في كل شؤون حياتها، ومنها التعامل مع الجيران؛ إذ لا تشعر بالسعادة وراحة البال وطعم ما تأكله إلا إذا أطعمت أحداً من جيرانها الذين يسكنون عن يمينها وشمالها وأمام بيتها وأبعد من ذلك.
في أحد الأيام وكعادتها كانت لديهم مأدبة كبرى؛ فحرصت على أن ترسل لجيرانها من الأكل قبل تقديم المأدبة للضيوف؛ كونها تدرك أنها لو أرسلت لهم بعد تناول الضيوف لعشائهم سوف يشك الجيران أنهم أكلوا من «الفضلة»، أي بواقي الطعام..
قامت (أم محمد) بتجهيز نصيب الجيران، وأرسلته مع أولادها. جميع الجيران سعدوا بكرم وتقدير جارتهم لهم إلا أسرة واحدة كانت متكبرة، ولا تدرك المعنى السامي لتواصل الجيران؛ إذ قامت ربة الأسرة بسكب الطعام الذي أرسلته (أم محمد) لها في الشارع، وقد شاهد أحد أبنائها جارتهم وهي تسكبه في الشارع والدخان لا يزال يتطاير من الطعام.
(أم محمد) عندما أخبرها ابنها بفعلة أم الجيران استعاذت بالله من الشيطان الرجيم مرددة «لا حول ولا قوة إلا بالله»، ثم ارتدت عباءتها، وخرجت، وقامت بجمع النعمة، ووضعتها في كيس، وقالت «إذا كانت لا تريدها بسبب الكبرياء فعلى الأقل تجعلها في كيس حفاظاً واحتراماً للنعمة.. فكم من شخص حول العالم يحلم بها؛ إذ نراهم يبحثون في براميل النفايات عن قطعة خبز؟! فكيف لو وجدوا هذه النعمة التي تحوي اللحم والخضار وخلافه؟!».
وتقول (أم محمد) لابنها حينما علمت بفعلة الجارة الجاحدة: تمنيت أنني عرفت أنها لا تقدّر التواصل وتبادل الأطعمة بين الجيران وأعطيته من يعرف قيمته وقدره.. فما فعلته تلك الجارة كفر للنعمة، وتكبُّر.
وأضافت المرأة بيقين: اللهم اجعلنا من الحامدين والشاكرين لأفضاله المدركين قيمة النعمة والتواصل بين الجيران اقتداء بأشراف الخلق (محمد - صلى الله عليه وسلم -).
(2) تدمير
شابة جميلة في بداية العمر، أحلامها كبيرة كأية فتاة، أن يكون لها بيت وأسرة مع رجل في سنها، أو على الأقل يكبرها بسنوات بسيطة. لم تكن تتوقع أن تبيعها والدتها لشخص غير كفء؛ لأنه قريب في النسب منها.
زُفت الفتاة رغماً عنها لهذا الرجل الذي لم يكن إلا رجلاً عديم الإحساس والشهامة.. كان مدمناً على تعاطي المخدرات. كانت تدرك ذلك من تصرفاته بعد أن شرحت حالته لبعض جاراتها؛ كونها لا تعرف هذه الأشياء.
في يوم من الأيام وجدت أثناء تنظيفها غرفتها تحت السرير أشياء غريبة، حبوباً غريبة ومادة شبيهة بالبودرة أو الدقيق الأبيض؛ فقامت بإخفاء بعضها لديها، وأخبرت والدتها وشقيقها بأن هذا الرجل شخص غير طبيعي، يتصرف تصرفات غريبة، وغير سوي، لكنها لم تجد من والدتها ولا شقيقها أذناً صاغية؛ لتستمر في الجحيم.
تطورت الأمور للأسوأ؛ فأصبح يتطاول عليها بالسب والشتم والضرب؛ فقررت أن تبلغهم وتطلعهم على ما يتعاطاه، ومع ذلك لم يستمعوا إليها؛ لتستمر في جحيمه سنوات طويلة.
لاح الفرج لها عندما كبر أولادها الذين تحملت العيش معه والصبر عليه لأجلهم، فبعد أن أصابتها الأمراض بسببه لاح الفرج بزواج البنات؛ فتركت بيته غير نادمة؛ لتعيش عند أولادها؛ لترى النور من جديد والحياة والحرية التي كانت تسمع بها.. أما هو فقد شتت أولاده الذين تركوا البيت، ولحقوا بإخوانهم. أما من بقوا معه فهم يعانون الأمرين والأمراض بسبب قسوته وتجبره وفقده معاني الأبوة والرحمة والشفقة، والعياذ بالله.
- محمد عبدالعزيز اليحيا