د. أحمد الفراج
لا يمكن أن يجادل أحد بأن هذه القارة الشاسعة التي وحدها المؤسس، -طيب الله ثراه-، تعتبر معجزة، وهذه ليست شهادتي، بل شهادة المؤرخين، عرباً وغير عرب، ولا ينكر أحد أنها مستهدفة، فهي بيت العرب، وقبلة المسلمين من شتى بقاع الأرض، ومن يستهدف العرب والمسلمين يعلم أن المملكة العربية السعودية هي القلب النابض، والروح لآلاف الملايين، فاستهدافها ليس عشوائياً، فالعرب والمسلمون بخير، ما دامت المملكة العربية السعودية بخير، وقد استهدفت المملكة في الخمسينات والستينات الميلادية، فرحل من استهدفها وبقيت، كما استهدفها بعض الجيران الحمقى، فسقطوا وبقيت، ولا زال حكم الملالي في طهران يستهدفها بشتى السبل، منذ أربعة عقود، ويتخذ من موسم الحج ميداناً رئيسياً لذلك، ولن يتوقف الأعداء عن استهداف المملكة، ولكنها، وكما يعلمنا التاريخ، ستبقى، بحول الله، شامخة وصامدة، وشوكة في حلوق أعدائها.
من يستهدف المملكة لا يهمه الدين، ولا يفرق بين السني والشيعي، مثلما أنه لا يفرق بين الكبير والصغير، والمحارب والمسالم، ولا يعنيه إن كان الهدف منزلاً، أو دائرة حكومية، أو مكان عبادة، فالهدف هو زعزعة الأمن، وخلخلة النسيج الوطني، فهذا المجال الوحيد، الذي يستطيع العدو أن ينفذ من خلاله، وغني عن القول إن كل منفذ لعمل إرهابي وراءه محرض، وغالباً يتذاكى المحرض الجبان، فهو لا يقول للإرهابي: «اذهب وفجر واقتل»، فهو أجبن من ذلك، ويعلم أنه سيحاسب. هذا، ولكنه يشيطن الطرف المستهدف، ويزرع فكرة الانتقام منه، ثم لا يخجل من أن يشجب العمل الإرهابي بعد وقوعه !!، وهذا أسوأ أنواع التذاكي الغبي، وقد رأينا ذلك بعد جريمة القديح، ولم يعد يخفى أن المحرضين السنة يخدمون تنظيم داعش الإجرامي، تماما مثلما أن المحرضين الشيعة يخدمون مخططات ملالي طهران، وكلا الطرفين يعملان، بلا كلل لتأجيج الطائفية والكراهية، ولا يخفى أن استهداف داعش لشيعة السعودية في مسجدهم، هدفه إثارة إخوتنا الشيعة للخروج عن طاعة الدولة، فمثل ذلك سيخدم مجرمي داعش، المنفذين والمحرضين، ولكن هيهات.
إذا تجاوزنا المحرضين الجبناء، فيه اتهام لفئة معينة، الذين أضحى الكل يعرفهم، بعد جريمة القديح، فإن برقية خادم الحرمين الشريفين الموجهه لسمو ولي العهد بخصوص الحادثة كانت وصفة وطنية، عظيمة بمضامينها، وقد أعقبها زيارة سمو ولي العهد للقطيف، واطمئنانه على سلامة المصابين، في مستشفى القطيف العام، ويطيب لي هنا الإشادة بالنجاح والاحترافية العالية لقوات أمننا، التي تمكنت من الكشف عن الخلية الإرهابية، وضبط أفرادها، كما أن موقف الغالبية العظمى من علماء ومثقفي وكتاب السنة والشيعة، على السواء، كان واضحاً وصريحاً وقويا ضد جريمة القديح، وأحيي بهذا الخصوص الشيخ الفاضل، محمد الأمين، فتصريحاته كانت بلسما وطنيا شافيا، وثمة أمر تجدر الإشارة له، فقد ضج بعض متطرفي الشيعة السعوديين في الخارج، في اليوم التالي للحادثة، ضد الإعلام السعودي، وتحديدا هذه الجريدة، متهمين إياها بأن تغطياتها لم تتواكب مع الحادثة، وعندما تحولت «الجزيرة»، خلال الأيام الماضية، إلى «وثيقة وطنية»، بتغطياتها، ومقالات كتابها، صمت هؤلاء الموتورون صمت القبور، فهم، في الحقيقة، عملاء للخارج، لا يبحثون عمن يتعاطف مع الحادثة ويشجبها، بل عن كل ما يثير البلبلة، وشق الصف، وذلك لينفذ أسيادهم من خلاله، ولكن الشعب السعودي، بكل أطيافه، خيب ظنهم بوحدته، وتعاطفه، والتفافه حول إخوانه في قرية القديح، وحول حكومته، فاللهم أدم على وطننا أمنه واستقراره، ورد كيد الكائدين في نحورهم!.