عروبة المنيف
توافدت الحشود لتشييع شهداء مذبحة مسجد «علي بن أبي طالب «في «القديح؛ في مشهد درامي تنفطر له القلوب حزناً وتدمع عليه العيون أسى وحرقة. هو مشهد تكلل بالزهور وتعطر بالرياحين، تقول في سريرتك الحمدلله ما دام الحب عامرا في القلوب والولاء للوطن
غامر أبناء الوطن ليتوافدوا بهذه الحشود لمدينة لا تتجاوز مساحتها الكيلو متر المربع وعدد سكانها الثلاثين ألف نسمه، إن خروج أبناء الوطن من سنة وشيعة في تلك المسيرة الجنائزية الحاشدة متوحدين ضد الكراهية والعنصرية والطائفية والإرهاب تعتبر بشرى أمل تؤكد صمود أمتنا وتكاتفهم أمام جميع الفتن والمؤامرات التي تحاك ضدهم في السر والعلن. لقد جمعت تلك المسيرة العطرة نصف مليون مواطن، وهو ما يفوق عدد سكان «القديح»، توافدوا من جميع مناطق المملكه إلى بلدة «القديح» ليثبتوا لمؤججي الفتن والمؤامرات التي تحاك ضدنا في السر والعلن ويؤكدوا لمنابع الكراهية أننا قلب واحد وشعب واحد وأمة واحدة يجمعنا وطن واحد لا تفرقنا لعنات الكراهية ولا نعرات العنصرية ولا ويلات الإرهاب والتي تستغل كلها من أجل مصالح خبيثة لفئات أخبث.
على الرغم من تلوث أيادي جماعات الكراهية والضغينة والتطرف والإرهاب بالدماء البريئة التي سكبت في زمن قياسي تم فيه تدميرالعديد من الدول العربية من أجل مصالح خارجية ألبست لباساً دينياً وطائفياً بهدف التسريع في إنجاز المهمة الدنيئة التي تفوح منها رائحة الخيانات والمؤامرات.
وما زالت بلاد الحرمين عصية عليهم تمثل درعاً قومياً لن يستطيعوا اختراقه بإذن الرحمن مهما حاولوا ما دام أبناء الوطن متلاحمين ومتحابين لن يسمحوا باختراقهم وتهيئة التربة النجسة لنثر بذور كراهيتهم التي لا تحصد سوى التمييز بكافه أشكاله وأطيافه المقيتة.
نتساءل: ما البديل لثقافة الكراهية؟
إنها ثقافة الحب، التي تزرع في القلوب منذ الصغر، هي ثقافة حب الآخرين مهما كان اختلافه عنا في الدين واللغة والمذهب والجنس...، نحن نحبه لإنسانيته إنه «أخونا في الإنسانية» فقط لا شيء غير ذلك.
لقد عاصرنا ورأينا بأم أعيننا ماذا أفرزت ثقافة الكراهية ونبذ الآخر، لقد خرج من رحم الكراهية ذلك المسخ المدعو الإرهاب والذي أصبح بعبعاً يخيف العالم ويؤرق منامهم.
إن أدوات الشحن الممارسة والتي تروج للكراهية من قبل جماعات التطرف يجب أن تتوقف فوراً وتتوقف ديباجة «اللهم يتم أبناءهم ورمل نساءهم واخسف بهم الأرض ووو..»وتستبدل بدعاء الهداية والمحبة والرحمة للجميع كائناً من كان، لقد انقلبت تلك الأدعية المؤججة للكراهية على من يدعيها والعياذ بالله، فالحب لا يولد إلا الحب والكراهية لا تولد إلا الكراهية، فمن لا يردعه قلبه وضميره وأخلاقه وتربيته ودينه يجب أن تردعه القوانين الصارمة التي لا تصيب إلا من ظلم نفسه.
إن تبديل الخطاب الديني وتوجيهه أصبح ضرورة ملحة ليتبدل من أسلوب يطغى عليه ثقافة الكره والتمييز إلى أسلوب يتميز بنشر ثقافة السلام والرحمة والمحبة الكونية، هو أسلوب يرضعه الطفل مع حليب أمه، يستشعره من حنانها وحسن تربيتها ومعاملتها، من نصائح أبوية وتعاليم وتوجيهات مدرسية، من نصائح دينية وأعراف وعادات مجتمعية قيمة، ليترعرع جيل من المواطنين الأصحاء نفسياً واجتماعياً ودينياً وتربوياً ينبذون الكراهية التي تجلب العنف والإرهاب من أجل وطن محب متسامح آمن بعيد عن الفتن وعن آلة الدمار والإرهاب.