د. ناصر بن عبد الله الخرعان
بداية لم يكن مستغربا أن تتم دعوتي من قبل نادي أبها الأدبي لحضور مؤتمر (الهوية والأدب) الذي عقد على مدى ثلاثة أيام من 2-4-7-1436هـ في مدينة أبها الذي عودني بالدعوة لحضور مثل هذه المناسبات القيمة علما ومعنى، حيث قام النادي بإعداده والترتيب له، مكرسا جهوده في ترسيخ الثقافة، وإشهار الأدب، وغرس الهوية العربية في نفوس المواطنين، فوطن لا هوية له لا يعد وطنا!!
وقد رعى صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز أمير منطقة عسير هذا المؤتمر، وهذا مكمن الإبداع، فسمو أمير منطقة عسير نجده متواجدا في خضم الثقافة، وحاضرا في نفوس المثقفين، ومتربعا في قلوبهم، وهذا سر نجاح تلك الرقعة الغالية من بلدنا العزيز (عسير)!!
وقد شارك في جلساته أكثر من (40) باحثاً وباحثة من داخل المملكة وخارجها، ويمثلون (7) دول هي: المغرب وتونس والجزائر ومصر والأردن واليمن والمملكة العربية السعودية، مما جعل من هذا المؤتمر فرصة جيدة للقاء بين الباحثين، ومما جعل منه حوارا علميا عميقا لمناقشة مفهوم الهوية العربية والثقافة ومحدداتها وطبيعتها.
ومن اللافت للأنظار الترتيب الرائع لهذا المؤتمر بجهود حثيثة من سعادة رئيس مجلس إدارة النادي الدكتور/ أحمد بن علي آل مريع إلى أصغر موظف في النادي، وتناغم في الأداء، وتفان في العطاء، مما أضفى على النفوس روح الألفة والمحبة والتلاحم!!
وتناولت جل الدراسات مسألة الهوية في مفهومها وفي أبعادها الحضارية والثقافية التي تتكون من الدين، واللغة، والتاريخ، والحضارة؛ حيث تبين مدى ثراء هذا المفهوم في مختلف مناحي الفكر والإبداع في الرواية والقصة والشعر والمسرح وغيرها من أشكال الفنون التي تبرز الأدب والهوية العربية لتكون واضحة المعالم.
إن عملا وتجهيزا بهذا الحجم يعد مشعلا للعلم والمعرفة ليس على نطاق منطقة عسير أو المملكة فحسب، بل على نطاق الدول العربية، ولهذا لابد من دعم عمل كهذا المؤتمر ليكون مستمرا كل سنة، وفي وقت محدد!!
ولا شك أن مؤتمر الهوية والأدب هو بمثابة واجهة حضارية للمملكة، ورافدا من روافد العلم؛ كيف لا وهو يضم بين جنباته بحوثا لرجالات علم وفكر، تم تحكيمها، وفازت لتساهم في نشر الثقافة والوعي في أرجاء المعمورة!!
لقد كان برنامج المؤتمر مضغوطا على مدى ثلاثة أيام متوالية من الساعة التاسعة صباحا حتى الساعة التاسعة مساء، ولا يفصل بين أوراق العمل سوى أداء الصلوات أو تناول وجبات الطعام!!
ولعل هذا يقود المشرفين على أعمال هذا المؤتمر، أن تضمن المؤتمرات القادمة بإذن الله أوراق عمل من باحثين غربيين كي تتمازج الثقافات، وتتبادل الخبرات، وليأخذ هذا المؤتمر سمة العالمية ولاسيما أن منطقة أبها الوادعة بجمالها وعذوبتها تحتضن هذا المؤتمر!!
شكرا من الأعماق سمو أميرمنطقة أبها.. شكرا لرئيس نادي أبها الأدبي.. شكرا للجنود المجهولين بإمارة المنطقة وبنادي أبها الأدبي.. فلهم ومنهم أهدي عاطر تحياتي.