الرياض - سلمان العُمري:
عناية المملكة العربية السعودية بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليست وليدة اللحظة، أو من جراء موقف معين تم بموجبه إنشاء جهاز للحسبة، بل هو منهج شرعي، قامت به الدولة السنية انطلاقاً من قوله تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، وقوله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ}، وقوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}، وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع بلسانه، فإن لم يستطع بقلبه، وذلك أضعف الإيمان» رواه مسلم.
والمملكة العربية السعودية بلاد الحرمين الشريفين أولت شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي تُعد واجبة على كل مسلم، كل بحسب استطاعته ونفوذه، اهتماماً بالغاً؛ إذ قام الإمام الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ـ طيب الله ثراه ـ بإنشاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في عام 1345 هـ، وعيَّن لها مشايخ للاحتساب والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يساعدهم في ذلك دعم الملك لهم وحزمه ـ رحمه الله ـ في الحق، والتزامه بتطبيق شرع الله.
وتطور جهاز (الحسبة) حتى أصبح رئاسة مستقلة مرتبطة برئيس مجلس الوزراء مباشرة، وأضحت عناية الدولة ـ أيدها الله ـ بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مستمرة حتى أصبحت من خصائص هذه الدولة المباركة، أدامها الله على الشريعة وحفظها.
كما أن هذا يعد من أعلى أوسمة الشرف التي تحملها بلاد الحرمين الشريفين، بل يعد من نعم الله الكبرى علينا في المملكة بإقامة جهاز حكومي عالٍ، يعنى بهذه الشعيرة العظيمة.
إن ما يقوم به رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عمل دعوي وتوعي، ووقائي وأمني، وهو واجب ديني ووطني، ولا يقتصر عملهم على المكاتب فقط بل غالبية أعمالهم ميدانية، وقد يصل في بعض الأحيان على مدار الأربع والعشرين ساعة.
ولست في هذا المقام لحصر الجهود الكبيرة لرجالات الحسبة؛ فهي غير خافية على ذي البصيرة والأفهام. وأعتقد أن رجال الأمن هم أكثر الناس التصاقاً ومعرفةً بالدور الريادي الكبير الذي يقوم به رجال الحسبة من أعمال جليلة هادفة، تدعو إلى الخير والإصلاح ومحاربة ما يسيء إلى المجتمع وقيمه وأخلاقه.
إن رجال الحسبة يتطلعون من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـ حفظه الله ورعاه ـ وهو الخبير الإداري بأعمال هذا الجهاز ورجالاته.. يتطلعون إلى وضع كادر خاص لتحسين رواتب العاملين في الجهاز، ترغِّب به، وتُحد من تسرب رجالات الحسبة من هذا القطاع، إما بالتقاعد المبكر أو الانتقال إلى قطاعات حكومية أخرى.
كما يرى آخرون أهمية إنشاء أكاديمية تُعنى بالدعوة والاحتساب لتطوير أعمالهم؛ إذ إن التأهيل الأكاديمي والدورات المتخصصة يعطيان ثمرات إيجابية، تنعكس بشكل جلي على تحسين مخرجات العمل، وبخاصة مَن يعملون في الميدان.