حسين أبو السباع
قلت وأكرر، ستزول داعش لا محالة، ستزول كل مخططات الفوضى غير الخلاقة التي تحاول أمريكا، وتصر على تنفيذ مخطط التقسيم في المنطقة العربية.
قال التاريخ كلمته على مر العصور بزوال كل الحركات الإرهابية التي التحفت بعباءة الدين، ظنًا منها أنَّها الأبقى، لكنَّ المؤكد أنَّها الزائلة.
حين قرأت تبني داعش الإرهابية حادث التفجير الإرهابي الخسيس الثاني الذي وقع أمس الجمعة 29 مايو 2015، في مسجد العنود بالدمام، وهي تصف مسجدًا من مساجد الله في بيانها بأنَّه من معابد المشركين، وهي تنادي أهل السنة بالقضاء على أهل الشيعة في الجزيرة العربية، بدا واضحًا للأعمى قبل البصير أنَّ داعش لا تبث إلا سموم أعداء الأمة الإسلامية التي تسعى للفرقة دائمًا، في محاولة مستميتة لإسقاط جيوشها مثلما حدث ويحدث في العراق وسوريا وليبيا.
داعش أو التتار الجدد هم من يمهد الطريق أمام الاحتلال المتجدد، وكالعادة بشق وحدة الصف في البلد الواحد، كجماعة الإخوان الإرهابية وأذنابها، وغيرها من جماعات حقيرة اتخذت من الدين الإسلامي عباءة زائفة لأطماعها السياسية في إغراق المنطقة العربية برمتها في بئر الصراعات الدينية، لتمهيد الطريق إلى التدخل السافر المتوقع بدعوى حماية الأقليات من الاضطهاد، وحدث قبل ذلك في مصر، حين كانت هناك مطالبات بحماية الأقليات المسيحية من الاضطهاد، وهي دعوى على غير الحقيقة.
اختيار الجماعات الإرهابية لاستقطاب الشباب غير الواعي، بل والأطفال الذين شردوا عن أسرهم لتجنيدهم في صفوفهم، قبل مرحلة الوعي، وإلا لو وعى أحدهم بحقيقة ما يسعى إليه من أنه يساعد عدوه ويمكنهم من بلاده وأرضه والفساد فيها بمثل هذه الأفعال، لما ذهب خطوة واحدة من مكانه.
داعش ستزول إن آجلاً أو عاجلاً، حين تفشل في مهمتها التحريضية الكبيرة التي سخرت لأجلها ميزانيات دول كبيرة تعبث بأمن المنطقة العربية برمتها، من المحيط إلى الخليج.
محاولة أسلمة السياسة ومن ثم الإرهاب باسم الدين والقتل على الهوية محاولة فاشلة بامتياز، رغم بزوغ نجمها، وخفوته على مراحل تاريخية منذ فجر الإسلام وحتى الآن.
داعش ستزول، لأنها استهدفت تشويه الإسلام بالقتل والذبح والتشريد، ومحاولة إعادتنا جميعًا إلى عصور الظلام أو أبعد، بمقاطع القتل ذبحًا، والتي انتشرت عام 2005 حين كانت جماعة أبي مصعب الزرقاوي المنتمي إلى القاعدة في العراق، مما يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن داعش هي إعادة إنتاج تنظيم القاعدة مرَّة أخرى في مسمى وشكل ليس جديدًا، بل قديم عفن، ولكن هذه المرة تستهدف الجميع في شكل ثأري من كل الحدود المحيطة بمكان وجودها المؤقت.
كل حزب يلتحف عباءة الدين لتمرير أجندات الفرقة فهو خائن لأبسط مبادئ الدين والمواطنة، إذ لم يكن هدف الإخوان سواء في مصر أو تونس إلا تقسيم البلد مثلما حدث في السودان «شمالي/ جنوبي»، وما حدث أيضًا في العراق من فرقة بين السنة والشيعة والمسحيين وباقي الطوائف مما أشعل موجات القتل على الهوية، بفعل التحريض الذي يكون رجل الشارع البسيط هو المستهدف من ورائه.
في كتاب كاتب هذه السطور «التحريض ولادة قيصرية» ناقشت فكرة التحريض لاستعجال ولادة جنين غير شرعي أطلق عليه «الربيع العربي» الذي خرج مشوهًا، لأنه كان بفعل فاعل لا يهدف إلى الإصلاح، بقدر ما كان ولا يزال يسعى إلى التخريب والتقسيم لإحداث شرق أوسط جديد حسب تعبير وزير الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس، والتي روجت لهذا المصطلح منذ العام 2006 وحتى العام 2011 حين ساعدت الولايات المتحدة الأمريكية كل الجماعات والفصائل الإرهابية وعلى رأسها «جماعة الإخوان الإرهابية» التي تحاول الآن إعادة تشكيل كوادرها مرة أخرى، والنفاذ إلى مختلف وسائل الإعلام، خصوصًا المرئية، في محاولة للتمهيد في مرحلة لاحقة لبث وعي جديد يستقطب شبابًا لم يعاصروا خيانتهم التي لمسها القاصي والداني منذ نشأة هذه الجماعة وحتى سقوطها الآن.
وقلت نصًا «ثقافة الموت أصبحت هي الثقافة الدخيلة على ثقافتنا المأزومة، التي تعتري مجتمعاتنا، والفوضى الفكرية التي أحالت الأمور العقلانية إلى تديينها أو العكس، ووظفت الأمور السياسية دينيًا، بحيث تتم تعبئة الرأي العام والعمل على شعبويته، باعتبار أننا عاطفيون أكثر من ناحية الدين».