د. عبدالعزيز الجار الله
قال ولي العهد الأمير محمد بن نايف من القديح بالقطيف: (الدولة قائمة بدورها... وأي أحد يحاول أن يقوم بدور الدولة سوف يحاسب) هذا رد ولي العهد على المواطن الذي قال: (إن لم تقم الحكومة بدورها فهي شريك).
تعاطف بلا استثناء من جميع سكان المملكة مع شهداء وأهالي الشهداء الذين سقطوا في مسجد القديح لأن القطيف وأهلها جزء غال من وطننا السعودي الكبير، وما يمس أي فرد يمسنا جميعا, لكن المحزن أنه قبل حوار المواطن مع ولي العهد وفي تشييع الجثامين البريئة رحمهم الله رحمة واسعة وأسكنهم فسيح جناته وعبر محطات التلفزيونات المحلية والعربية والعالمية ووسائط الانترنت شاهدنا وبكثافة رايات وأعلاما صفراء وسوداء وألوانا لها مدلولاتها المذهبية وشعارات وعبارات ترمز للمذهبية، أيضا شعارات واناشيد مذهبية وعبارات تاريخية تثير صراعا تاريخيا قديما مع غياب رايات وأعلام بلادنا ودولتنا السعودية، هذه السلوكيات إن وقعت في أي مدينة أو محافظة أو قرية سعودية فإنها غير مقبولة بل مرفوضة يجب منعها لأنها تفتح باب الطائفية البغيض والتي لو سمح لها لدمرتنا.
الإرهاب والطائفية والتطرف عنوان واحد لتدمير الانسان والدول وإذا سمحنا لشكل واحد من المذهبية مثل المذهبية الدينية فسيكون مقبولا (الطائفيات) أو الطوائف الأخرى: الطائفية العرقية، الطائفية القبلية، الطائفية العشائرية والاسرية، الطائفية الاقليمية والجهوية، الطائفية الثقافية والفئوية وطائفية اللون والجنس والدم.
تعيش المملكة التنوع الجغرافي والسكاني والفكري الثقافي مثل معظم دول العالم، فالبناء الطبوغرافي يجمع بيئات مختلفة على شكل أقاليم جغرافية متعددة: بيئات ساحلية في الغرب والشرق، بيئات جبلية في الجنوب، هضاب وسهوب في الوسط، واحات وكثبان رملية في الشمال وداخل هذا التباين البيئي يتوزع السكان، سكان الحاضرة والقبائل والعشائر لكل تركيبة سكانية لونها الفكري والثقافي وخصوصيتها الدينية تحت راية الدين الاسلامي مع بعض الاختلافات والتوجهات، فلو أن كل مذهب أو طريقة دينية أوكل قبيلة، أو كل منطقة أو كل مكون ثقافي له بيرق وراية وأعلام وشعارات مذهبية وقبلية يرفعها فلن يكون هناك دولة ولا وطن، وهذا بالتحديد الذي يجب ألا نسمح به إطلاقا، من يريد تفتيت وحدتنا تحت مكونه الصغير يجب أن تواجهه الدولة ومن خلفها المجتمع تواجهه بحزم وشدة، فالأجداد والآباء الذين حاربوا مع الملك عبدالعزيز يرحمه الله قاتلوا من أجل الوحدة الوطنية وجمع شتات البلاد أرضا وسكانا لتكون وطنا واحدا تحت راية واحدة.
ولي العهد كان رده حازما ولم يعط مجالا للتفسير والتأويل وحدة الوطن تحت راية وعلم واحد لا حيد عنه أو تزحزح، والمصلحة الوطنية وصدق الانتماء لهذا الوطن والولاء للقيادة والدولة هو أن تغيب كل الرايات ويبقى راية وعلم دولتنا ووطننا الذي لا نساوم عليه.