الفكر الضال نتيجته بلا شك دماء ودمار، وشواهد ذلك أكثر من أن تُحصى. منذ عام 1979 للميلاد والفكر المنحرف في نمو مطرد، نما في أحضان فارس الصفوية، ضمن مخطط إستراتيجي طويل المدى، يهدف إلى تمزيق العالم الإسلامي، ليبقى بين كماشتين يهودية وصفوية. المملكة العربية السعودية استشعرت ذلك مبكراً وحاولت كثيراً في تحجيم هذا التمدد، ولكن الأحداث المتسارعة، والحروب المتوالية في المنطقة جعل من هذه الجهود محدودة، على الرغم من قمعنا للكثير من المحاولات الشيطانية التي لم تسلم منها المشاعر المقدسة ولا شعيرة الحج الركن الخامس من أركان الإسلام. في عالم الإنترنت، وتحديداً في عالم تويتر تنتشر الحسابات المغرضة التي تحمل في غالبها معرفات وهمية، وإلا فهي في الحقيقة معرفات معادية تحمل أسماء أسر سعودية أو عربية مشهورة، كُشف في وقت سابق عن ستة آلاف معرف يصدر من إيران تحديداً يتكلم عن الشأن المحلي السعودي!! مما يؤكد أن ثمة حملة قذرة على هذه البلاد.
صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبد العزيز أمير منطقة القصيم أطلق حملة إلكترونية تحت عنوان: (معاً ضد الإرهاب والفكر الضال) أكد سموه من خلال كلمته في هذه المناسبة على ضرورة إسهام المجتمع في محاربة الإرهاب كلٌّ على حسب جهده، من خلال البيت والمدرسة والجامعة والمسجد والقطاعات الحكومية والأهلية كافة. وقال «هناك اجتهادات من بعض الجهات على استحياء ولكنها لم ترتقِ إلى المستوى الوطني المحترف والمهني لمحاربة هذه الآفة وهذه الأفكار التي ما زالت تعشعش في أفكار بعضهم وما ينتج عنها من التكفير والتفجير واستهداف الأمن الوطني ورجال الأمن وسفك الدماء، وامتهان الإرهاب بكل صوره، بالإضافة إلى الإرهاب الإعلامي وتلويث أفكار الشباب بالأفكار الضالة وتشويه صورة الإسلام بتصرفات همجية ووحشية. وأضاف «إننا لا نزال متقاعسين عن المشاركة الحقيقية في مكافحة الإرهاب والفكر الضال، حيث تركنا مبدأ الوقاية ورَكنَّا إلى مبدأ العلاج، وهذا ليس منهجاً صحيحاً ما لم تتكاتف جميع الجهات الاجتماعية والدينية والحكومية والأهلية بالوقوف صفاً واحداً ضد هذه الآفة.
بدأت الحملة بمحاضرة للدكتور فايز بن عبد الله الشهري الباحث في الإعلام الجديد وخدمات الإنترنت، عضو مجلس الشورى، تحدث فيها عن الإرهاب الإلكتروني والممارسات الخاطئة له، مبيناً خطر هذه الوسيلة إذا غابت عن المراقبة وقال: من المعلوم أن ثقافة العنف والإرهاب موجودة في الكتب ووسائل الإعلام الأخرى من أشرطة سمعية وأفلام من قبل أن تظهر شبكة الإنترنت. فالشبكة وفقا لذلك لم تنتج ثقافة العنف والإرهاب ولكنها بلا جدال كانت حاضنا مهما ومروجا مثيرا لهذه الثقافات ورموزها بسبب خصائصها وإمكاناتها الإعلامية التي جنبت مروجي المحتوى الذي يدعو إلى العنف ويحض على الإرهاب من المرور على أجهزة الرقابة وبالتالي أمكن لرموز وأنصار هذا الفكر الاتصال بمستخدمي الإنترنت في منازله ومكاتبه بكل خصوصية وسرية. ولكن مع الانتشار المتزايد لاستخدامات الإنترنت والهواتف الذكية برزت التحديات الفكرية والأمنية بشكل يهدد الاستقرار والسلم الاجتماعي في الكثير من البلاد العربية. وقد تجاوزت التحديات شاشات هذه الأجهزة إلى عقول الشباب الذين خرجوا ساخطين إلى الميادين الرئيسة في أكثر من مدينة عربية. وقد خلُص الدكتور فايز الشهري إلى أن أبرز التحديات في هذا المجال تنحصر في تحديات سبعة هي: التحدي الأول: محاولة اختطاف مفاهيم ومنطلقات أغلى ما يملكه ويعتز به المجتمع السعودي وهو دينه. وتتأكد هذه الميزة بما خص الله به هذه الأرض وأهلها باحتضان بيت الله قبلة المسلمين ومسجد رسوله. التحدي الثاني: المزايدة على واقع الدولة والمجتمع ونهجه ومنهجه، وهذه المزايدة تتجاهل أن واقع الدولة أنها شرعية النهج والمنهج وترفع شعائر الإسلام ورايتها ترفرف بالتوحيد. كما أن المجتمع السعودي بفضل الله مسلم موحد معتز بدينه مطبق لشرائعه داع لقضايا الإسلام والمسلمين.
التحدي الثالث: محاولة التأثير على مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتأثير على معادلة الأمن والتنمية، وذلك من خلال الحوادث الإرهابية في وقت أصبحت فيه المملكة ورشة تنموية كبرى ومع نشاط اقتصادي جعل المملكة تدخل نادي أكبر 20 اقتصاد في العالم، كما جرت محاولة تنظيمات التطرف للتأثير في وتيرة التحديث والنشاط الثقافي ومحاولة فرض نمط من الانغلاق المذموم شرعا وعقلا وفق تصورات هذه الجماعات. التحدي الرابع: العمل على خلط المفاهيم في تحديد العدو والخصم والصديق، حيث باشرت هذه التنظيمات تصنيف جماعة المسلمين والكيد لعلمائه والتربص بالرموز الفكرية والسياسية، ثم اختارت المجتمع المسلم عدوا تحاربه في هدوئه واستقرار حياته، وحتى تنال هذه الجماعات هدفها جعلت العالم خصماً للمسلمين في كل مكان فأضرت بالمصالح العامة والخاصة وجعلت الإسلام خصما للإنسانية في حين هو رحمة لها.
التحدي الخامس: فتح الباب للتدخلات الأجنبية وسماسرة المصالح العالمية.
ومن هنا كشفت التقارير ومراجعات بعض من آبوا وندموا من عناصر هذه الجماعات كيف تحالفت قياداته مع أعداء المسلمين. وكيف تزامنت عملياته وتهديداته مع خدمة أغراض القوى العالمية التي تستهدف إضعاف المسلمين وبث الفرقة بينهم. التحدي السادس: محاولة التأثير على صورة المسلم والإسلام في العالم. وتكشف الدراسات الإعلامية والسياسية التأثير المباشر للعمليات الإرهابية على صورة الإسلام في الغرب، وقد خدمت هذه الجماعات أعداء الدين وانتشاره حيث كان الدين الإسلامي أسرع الأديان انتشاراً في العالم حتى مطلع الألفية الثانية. ومع هذا التحدي إلا إن الله أتم نوره والإسلام في انتشار وتمدد. التحدي السابع: محاولة نشر ثقافة التصنيف والإقصاء والتخوين مع انتشار هذه الجماعات وتوظيفها للتقنيات الحديثة نشأت ظاهرة تصنيف المسلمين إلى فرق وجماعات بناء على هذه المناهج المتعصبة، ثم بدأت حملات الإقصاء والتخوين لكل من وقف في وجه هذه الموجات المتطرفة سواء بالتكفير أو القتل أو التهديد بما يتنافى مع أبسط خلق المسلم وسماحة الإسلام.
حملة أمير منطقة القصيم - معاً ضد الإرهاب والفكر الضال- التي تبدأ قُبيل إجازة الصيف قال سموه معلقاً على هذا التوقيت (الإرهاب لا يعرف الإجازة ويجب التصدي له) وأنا أرى أنه الوقت الأنسب لهذه الحملة المباركة التي هي لكل الوطن، بل لكل عالمنا العربي والإسلامي، فما أجمل أن يستفيد شبابنا من فترة الإجازة ومن خلال أجهزتهم التي بين أيديهم للمشاركة في هذه الحملة، ومن خلال حسابها على تويتر (معاً ضد الإرهاب والفكر الضال) علنا نخرج بنتائج تحمي ديننا ووطننا وشبابنا من هذه الأخطار المدلهمة. والله المستعان.