منذ عدة عقود والمعلمون والمعلمات يعانون الأمرَّين من القائمين على عملية النقل الخارجي السنوية الشحيحة بوزارة التعليم، وانتظار المنقذ بعد الله الذي سوف يعمل بإحساس الوالد أو الزوج المعايش لهذه المشكلة عندها لن تكون هنالك مشكلة في نظرهم ويصعب حلُّها. وهي بالطبع ليست بحجم صناعة نووية معقدة تحتاج إلى اسطول من العلماء والمفكرين لحل تلك المشكلة. ولكن للأسف في نظرهم المحدود بأنها مزمنة ويصعب حلُّها.
أتى وزير ورحل وزير تأتي معه وعود وترحل معه وعود، وما زالت المشكلة قابعة في قعر الوزارة التي بسببها ذهبت أرواح، وتشتتت أسر تحت اسم الإهمال وعدم المبالاة من قبل المسؤولين بتلك الجرائم على إيجاد حلول وإجراءات مناسبة تنهي تلك المعاناة، كم من معلمة قبلت العمل على الحدود من أجل الحاجة بلا محرم يقتلها الخوف وحرقة الحنين إلى أبنائها وزوجها، كم من معلم ومعلمة يصارعون الموت بالطرقات للوصول إلى مقر عملهم والتي قد تبعد مئات الكيلومترات عن منازلهم، ورحم الله أرواحاً رحلت بسبب إهمال المسؤولين بالوزارة وعوضهم دار خير من دارهم.
ومما لا شك فيه بأن من العوامل الرئيسة التي تؤدي إلى اِنحراف الأبناء وتشردهم وضياعهم وتشتت أفراد الأسرة سببها الأزمة الأسرية الناتجة عن الغياب الاضطراري المؤقت أو الدائم لأحد الزوجين وهذا ما يعانيه المعلمون المغتربون حالياً وطبعا من سوف يدفع الفاتورة غير الأبناء.
مع تعيين كل مسؤول بالوزارة يترجل من على ظهر فرسه ومن أعلى منبر في الوزارة وفي خطبة عصماء ينهال بالوعود مشدداً على أهمية حل مشكلة المغتربين ويؤكد على أنها من أهم المواضيع التي سوف تكون على طاولة مكتبه وفي الحقيقة لا يوجد على أرض الواقع سوى وعود ولجان (إذا أردت أن تقتل موضوعاً فشكل له لجنة تعمل عليه).
ماذا فعلت الوزارة تلك السنوات الماضية من إجراءات تصحيحية لحل الأزمة التي يعاني منها شريحة كبيرة من المجتمع؟ وما هي المبررات في عملية التعيين خارج منطقة المعلم؟ لماذا الوزارة تأخذ موقف المتفرج وكان الموضوع لا يعنيها؟ ومن المستفيد من غربلة المعلمين والمعلمات؟
كيف تعالج تللك الأزمات وللأسف مكاتبهم مغلقة في وجه المتضررين من الغربة وكل ما يستطيع فعله إعطاء خطابات المتضررين جرعة سامة قاتلة عن طريق ما يسمى بـ(لجنة الظروف الخاصة)، وحتى ينظر لظروفك عن طريقها لا بد توفر شروط تعجيزية وهي تشمل الظروف الصحية لشاغلي الوظائف التعليمية أو مرض أحد أبنائه أو والديه، أو يكون المعلم والمعلمة العائل الوحيد لوالديه أو أحدهما. وكذلك المطلقات، ووفاة والد المعلم ووفاة محرم المعلمة ووفاة زوجة المعلم أو سجن محرمها. ناهيك بأن الإجازات التي تكون بعذر تحرمك من عملية النقل حتى ولو كانت الإجازة مرضية الذي سمح فيه ديننا الحنيف بسقوط العبادات عن المريض في فترة مرضه وأن كل إنسانٍ معرضٌ للأمراض والآلام والأوجاع، وما يدمي القلب إجازة الحداد للمرأة فإنها قد تحرمها من النقل الخارجي رغم أن الشرع لا يسمح بخروج الزوجة في حال الحداد ومع ذلك ضربوا بذلك كله عرض الحائط وتناسَوا أنهم بشر لهم حقوق وواجبات وعليهم التزامات مجتمعية وأسرية ودينية.
حسب آخر إحصائية للعام 1435/1436 هـ، أن مجموع المتقدمين والمتقدمات للنقل الخارجي (119120) ألف متقدماً ومتقدمة وكما جرت العادة السنوية تم نقل مع هذا العدد الهائل بقطارة حيث لم يصمد موقع التكامل الإلكتروني الخاص بالنقل أمام سيل من المغتربين الذين يترقبون تحديد مصيرهم ومصير أسرهم بنقلهم ونهاية رحلة الغربة، وانهار كما انهارت كثير من آمال المغتربين.
نحتاج إلى «عاصفة الحزم» تتمثل بقيادة وبتدخل بشكل حازم وفعال من قبل القيادة العليا الحكيمة التي تحرص دائماً على تذليل العقبات والصعوبات أمام أبنائها لإنهاء تلك المأساة التي عصفت بشريحة كبيرة من المجتمع وكسرت بطموحاتهم على صخور اللامبالاة وبيروقراطية البعض بالوزارة.
حفظ الله لنا قائد مسيرتنا وباني نهضتنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وأدام على وطننا أمنه واستقراره.