محمد عبد الرزاق القشعمي
ما حدث خلال الأيام الماضية في بلدة القديح ثم في الدمام وسط وحول بيتين من بيوت الله تعالى وفي يومين فاضلين وخلال أداء شعيرة من شعائر الدين الحنيف يعد حلقة في سلسلة قبيحة وسيرة منتنة ما فتئ أصحاب الفكر المنحرف والطوية الفاسدة يعرضونها وتتعرض لويلاتها أنفس بريئة وتنفطر بسببها قلوب تفقد أعز أحبابها دون ذنب اقترفته أو سوء أقدمت عليه، عنف وقتل وتمزيق ينبئ عمّا توطن تلك النفوس الحاقدة من مرض لا يرجى برؤه ولم يدع أي مجال للبحث عن عذر يدفعها أو تأويل يحفزها، يدعون الإسلام ونصوصه بعمومها وخصوصها تخالف منهجهم، ويتظاهرون بنصرة المسلمين وهم أول من يزهق أرواحهم ويؤلب الأعداء عليهم وعلى أوطانهم، بأن عوارهم وانكشفت سوءات تصرفاتهم، أين هم من تعاليم الإسلام السمحة التي وسعت تعايشا حتى مع غير المسلمين في خير الأزمنة وأفضل الأماكن وبوجود سيد البشر عليه أفضل الصلاة والسلام، إلا يسعهم من الدين الحنيف ما وسع غيرهم من سلف الأمة علماء راسخين ورجالاً مخلصين؟!.
عجب لا ينتهي وحيرة لا تزول في الفكر الذي يقود هؤلاء المفسدين، والعمى الذي تجاوز أبصارهم لبصائرهم، والصمم الذي حجب عن أسماعهم صوت الحق، والبكم الذي عقد ألسنتهم عن قول الحقيقة، وما دامت تلك قد اجتمعت فلا غرابة أن يزول العقل (صم بكم عمي فهم لا يعقلون)، يقتلون نفسًا معصومة دونما رادع من دين أو عقل أو خلق ثم يتدافعون آلة التصوير فيما بينهم اعتقادًا بحرمة الصور!! يا لهذا التناقض، بل هو الحمق والسفه والجنون، ألم أقل أنه لا يمكن تصور الفكر الذي ينطلق منه هؤلاء المارقون، والمشكلة ليست في هذا فحسب بل المستغرب أكثر: كيف يجد هذا الفكر بكل ما فيه من انحراف وضلال وتناقض مكانًا في تلك العقول إن كان ثمة عقول أصلاً؟!
لا آتي بجديد وأنا أقول ذلك، بل هو المنطق والعقل والحقيقة واضحة جلية إلا لمن عميت بصيرته وزاغ بصره فراح يهيم في أودية البغي والطغيان «كالذي يتخبطه الشيطان من المس».
لقد وصل الأمر بأولئك إلى حال لا يمكن السكوت عليه أو التعامل معه بأسلوب المسكنات، وصار الواضح أن تلك الأعمال الإرهابية لا تتم بمعزل عن مكر خبيث وحقد متأصل وتخطيط يبدأ من الصفر وتجنيد صغار سن وتجييش صغار عقول، ولا بد أن يتبع رأس الأفعى ذيلها حتى يمكن القضاء على الأصول المفسدة التي تنتج فروعًا فاسدة، كلما خبت مدة عاد سعيرها مرة أخرى، تعاملت معهم الدولة - وفقها الله - وما زالت بأسلوب فريد حاولت من خلاله الرد والردع، رد من تأثر فكرًا وردع من تلوث عنفًا ونجحت في ذلك إلى حد كبير - ولله الحمد - ونجح رجال أمننا البواسل - وفقهم الله - في كشف كثير من مخططاتهم وتوجيه ضربات استباقية حالت - بفضل الله - دون وقوع ما يخططون له من فتن وتخريب، ولكن بقية من أولئك خالط الانحراف حروف أسمائهم وتقلب الشر في قلوبهم ينفثون سمومهم في كل وادٍ لا يملكون من العقل قيد أنملة ولا من الخير مثقال ذرة «ظلمات بعضها فوق بعض»
مثل هؤلاء لا بد من وقفة واحدة من الجميع تجاههم وعندما أقول الجميع فأنا أقصدها بكل ما تعنيه فالأمر لا يناط برجل الأمن الرسمي لأن كل مواطن في هذه الدولة هو رجل الأمن الأول كما قالها صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله- وهذه حقيقة لا شعار يجب أن نعيها جميعًا ونتمثلها دائما، فمن فضل الله تعالى علينا هذه الدولة الشامخة التي تتخذ القرآن الكريم والسنة النبوية دستورها منذ نشأت على يد الإمامين محمد بن سعود ومحمد بن عبدالوهاب - رحمهما الله - وأعلنها الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- عندما استعاد الحكم وجمع الكلمة بفضل الله تحت راية التوحيد وما زالت وستستمر بعون الله تعالى دولة مؤمنة وآمنة مستقرة ومتقدمة، ولو استشعرنا أهمية الأمن الذي نعيشه مقارنة بما تمر به دول أخرى وما نتمتع به من حقوق وفرتها لنا قيادتنا الرشيدة وعلى رأسها مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية، وسمو ولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز وزير الدفاع - حفظهم الله وسدد خطاهم - وحرصهم الكبير على بذل كل ما يوفر للمواطن حياة كريمة هانئة لأدركنا حجم الواجب على عاتق كل منا تجاه الوطن بكل من فيه وما فيه.