عماد المديفر
«منذ قيام الثورة الإيرانية 1979، وقيادات رجال الدين في إيران لم تفتأ تعمل مع مجموعة متنوعة من الجماعات الإرهابية لخدمة مصالحها. لقد استمر هذا الاستخدام للإرهاب، على فترة تزيد عن الثلاثين عاماً، ولا يزال «الإرهاب» أداة هامة للسياسة الخارجية الإيرانية في مواجهة مع جيرانها ومع الولايات المتحدة».
ذلك ما قاله نصاً البرفسور «دانيال بيمان» أستاذ الدراسات الأمنية في جامعة جورج تاون، ومدير الأبحاث في مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط في معهد بروكينغز في شهادته أمام لجنة مجلس الشيوخ للعلاقات الخارجية بتاريخ 25 يوليو 2012، والذي استشهد بما أكده مدير الاستخبارات الأمريكية القومية السيد «جيمس كلابر» بأن إيران تواصل «التآمر ضد الولايات المتحدة أو مصالح حلفائها في الخارج» عبر استخدام المجاميع الإرهابية.
وقد سبق للقوات الأمريكية، إبان تواجدها في العراق، أن وجدت «مخطط قواعد استرشادية» يكشف استراتيجيات إيرانية لدعم الإرهابيين «الشيعة» و»السنة» على حد سواء، كما أشارت تقارير استخباراتية أمريكية إلى أن الجماعات الإرهابية التابعة لتنظيم «القاعدة في بلاد الرافدين» في «الفلوجة»- والتي شكلت فيما بعد نواة لتنظيم ما بات يعرف بـ «داعش»- قد تلقت في 2004م دعماً على هيئة بضائع من الحرس الثوري الإيراني. كما كشف القائد العام للقوات الأمريكية في ذلك الحين، الجنرال جورج كيسي عن تورط النظام الإيراني بتنفيذ التفجيرات التي استهدفت مرقدي الإمامين العسكري في سامراء عام 2006 بهدف إشعال فتنة طائفية.
الحقائق أعلاه تؤكد صحة رواية المستشار الديبلوماسي الإيراني المنشق «فرزاد فرهنكيان»، الذي كشف عبر مدونته على الإنترنت عن معلومات خطيرة، مستندة إلى وثائق سرية اطلع عليها من قيادي كبير في «الحرس الجمهوري»، وتناولتها وسائل الإعلام على نطاق واسع، مفادها أن تنظيم «داعش» يتم تحريكه من خلال غرفة عمليات حربية في مشهد شمال شرق إيران، يديرها كبار قادة المخابرات الايرانية، وبدعم من دولة عظمى، بهدف «خلق فوضى كبيرة في العالم العربي عامة، والخليج خاصة والسعودية تحديداً»، واستطرد: «النظام الايراني لا زال يؤمن ويسعى بكل الوسائل لإخضاع مكة والمدينة لولاية الفقيه».
إن قصة «داعش» وهويتها الحقيقية بدأت مع الغزو الأمريكي للعراق، حين قرر النظامان السوري والايراني استنزاف الولايات المتحدة الأمريكية، وإفشال دولة العراق الحديثة، فعمدتا إلى دعم «الإرهاب السني» في الداخل العراقي تحت غطاء «دعم المقاومة العراقية»، وذلك لتحقيق عدة أهداف استراتيجية لهما في المنطقة، أبرزها وسم « العراقيين السنة» بالإرهاب، وتمكين «المليشيات الشيعية المتطرفة» الموالية لإيران من الحكم؛ إذ لم يسبق لنظام الأسد أن سمح لحركة سياسية أو غير سياسية بحرية العمل والنشاط كما الحال مع ما يُسمى «لجان نصرة العراق»؛ فتحت ستارها عمل النظامان السوري والإيراني على جمع «المتطوعين» من كل دول العالم وإرسالهم إلى العراق.
وبحسب التقارير المؤكدة، فقد عمد (دعاة) النظام السوري ومنهم المفتي الحالي «حسون»، على تجنيد وإرسال آلاف الانتحاريين واستجلابهم من كل مكان، وبرعاية وإشراف من العميل السوري (أبو القعقاع)، الذي أجرى في ذلك الحين تدريبات على القتال داخل مساجد حلب، تحت مرأى ومسمع المخابرات السورية، معلناً انهم «ذاهبون للقتال في فلسطين والعراق مع إخوتنا المجاهدين من القاعدة، وذلك لمواجهة الاحتلال الأمريكي الصليبي الكافر» حسب قوله!
مؤخراً؛ كشفت التحقيقات الأمنية السعودية عن حقيقة مفادها أن المادة المتفجرة المستخدمة في العملية الإرهابية التي ضربت مسجد الإمام علي عليه السلام في القديح من ذات النوع الذي أحبطت تهريبه على جسر الملك فهد قبل أسبوعين فقط من التفجير. كما أن السلطات الأمنية البحرينية هي الأخرى ألقت القبض على مشتبه بتورطهم بالحادثة، على علاقة بإيران. وحيث تأتي محاولة تفجير مسجد العنود التي جرت بعد أسبوع من سابقتها، في ذات السياق، وبعد تهديد مباشر بقرب وقوع «تفجيرات» داخل الأراضي السعودية من قائد القوات البرية بالجيش الإيراني، المدعو «بوردستان»، ودون إغفال دلالة توقيت هذه العمليات، وتزامنها مع «عاصفة الحزم» و«إعادة الأمل» اللتان أفشلتا مخططات التمدد الإيراني بالمنطقة، إذا ما وضعنا كل ذلك أمامنا، فإننا سنخلص إلى نتيجة جَليّة، مؤداها أن «داعش» على علاقة بنظام ولاية الفقيه في إيران، وتخدم مصالحه.