د. عبدالواحد الحميد
نفترض أن الهيئة السعودية للتخصصات الصحية هي الأعرف بمدى صحة الأرقام المتداولة عن عدد حملة الشهادات المزورة من الأطباء والممرضين والصيادلة. فالهيئة ذكرت أن عددهم هو 3026 منذ إنشاء الهيئة عام 1413هـ وليس منذ خلال عام 2014م وذلك بعد الجدل الساخن في مواقع التواصل الاجتماعي حول دقة الرقم. وتكمن أهمية التحقق من دقة الرقم في أن الشهادات المزورة ربما تكون هي البوابة التي يدخل من خلالها الأطباء والصيادلة والممرضين الذين يرتكبون الأخطاء الطبية حتى وإن كان بعض من يقعون في الأخطاء الطبية ليسوا من أصحاب الشهادات المزورة.
واقع الحال هو أن هناك شكوى متكررة من الأخطاء الطبية. بعض الأخطاء فادحة ومميتة وبعضها بسيطة، ولا يعلم أحدٌ كم من الأخطاء الطبية يقع دون أن يلحظه المريض لأنه قد يتصور أن ما يشعر به من آلام ليس نتيجة لخطأ طبي وإنما هي من أعراض المرض الذي يشكو منه قبل زيارة الطبيب.
وقد كانت الأخطاء الطبية، دائماً، مادة دسمة لرسامي الكاريكتير والمسلسلات التلفزيونية والأفلام السينمائية الساخرة حتى استقر في ذهن الكثير من الناس أن احتمال تعرضهم للأخطاء الطبية كبيرٌ جداً، وهذا قد ينطوي على مبالغة أحياناً وبخاصة الأخطاء الشنيعة التي هي استثناء ونادر مثل الحادثة التي قيل إنها وقعت في الأردن عندما نسي الجراح هاتفه النقال في بطن المريضة!
ومن أبشع الأخطاء التي وقعت عندنا حقن مريضة بدم ملوث بالإيدز وأخطاء أدت إلى وفاة بعض المرضى وأخطاء أدت إلى تبديل أطفال حديثي الولادة وتسليمهم إلى غير ذويهم. وهذه الأخطاء تسبب فيها أطباء وممرضون وصيادلة وممارسون صحيون من تخصصات مختلفة.
إن وقوع خطأ طبي واحد هو مشكلة وربما كارثة لمن يقع له حتى لو كانت نسبة وقوع الأخطاء عموماً ليست كبيرة، فماذا يهم الضحية من عدم وقوع أخطاء لمرضى الآخرين؟ وهل يخفف عنه عندما يقال له إن غيرك من المرضى لم يقع له ما وقع لك؟
ظاهرة الشهادات المزورة والمعطوبة أصبحت منتشرة في الوقت الحاضر، وهي ظاهرة خطيرة للغاية عندما يكون حملتها من أصحاب المهن الحساسة ذات العلاقة المباشرة بحياة الناس كالمهن الصحية والهندسية. لذلك، لابد من تشديد الرقابة والمتابعة وتشديد ضوابط الممارسة المهنية. وهذا يتطلب التنسيق بين جميع الهيئات والأجهزة ذات الاختصاص داخل المملكة وخارجها وبخاصة مع دول مجلس التعاون الخليجي.
أخيراً، لابد أن نقلق من احتمال وجود عدد غير معلوم وربما كبير من حالات التزوير غير المكتشفة وهي بمثابة حقل ألغام قد ينفجر في أي لحظة، فيا ليت أن جهات الاختصاص تكثف جهودها لكشف تلك الحالات!