وهذا سبيل العالمين جميعهم
فما الناس إلا راحل بعد راحل!!
هادم اللذات مُكدر لصفو الحياة، ومفرق للجماعات، لا يميز بين كبير ولا صغير، يدخل البيوت والقصور بدون تأشيرات دخول، وإنما بأمر مُسْبَق مكتوب ومقدّر باللوح المحفوظ، قدّره خالق السموات والأرضين منذ نفخ الروح في جسد كل إنسان، ففي مساء يوم السبت الموافق 5-8-1436هـ، انتقلت إلى رحمة الله الأخت الفاضلة فوزية بنت سيف القحطاني (أم إبراهيم) إحدى زوجات الصديق القريب الراحل عبد العزيز بن إبراهيم الحرقان الذي سبقها إلى مضاجع الراحلين منذ أعوام قلائل، تاركة ذكراً طيباً وسمعة حسنة، في محيطها الأسري، ومع جيرانها ومعارفها - رحمها الله رحمة واسعة - وكان لرحيلها العاجل وقع محزن، وموجع لقلوب أبنائها وابنتيها: دينا، وسارة، وقد خيم الحزن العميق على منزلها، وعلى منزل حماتها «عناية» أم مازن وأبنائها وبناتها، فهم أخوة وأسرة واحدة متماسكة، ومتآلفة، كالجسد الواحد..، وقد حزن الجميع على غيابها، وبعدها عنهم بعداً أبدياً..، فهذه سنّة الله في خلقه، فالموت حق آت على الجميع.
ولقد ولدت - أم إبراهيم - في مدينة الطائف عام 1379هـ، وترعرعت في أكناف ربوع تلك المدينة الجميلة طيبة الأجواء كثيرة البساتين والمتنزهات، قريبة من مكة المكرمة مهبط الوحي، ممّا اكسبها هدوءًا في الطبع، وسماحة خلق..، ومن الصدف المباركة أن كانت من نصيب الأخ الكريم عبد العزيز بن إبراهيم الحرقان المقيم بنجد بمدينة الرياض، حيث اقترن بها، وأهلها يقيمون في مرتفعات الحجاز بمحافظة الطائف:
- وقد يجمع الله بين «ألفين» وأن ظنّا ألا تلاقيا - فأنجبت ستة من الأبناء وابنتين صالحين متآلفين، وعندما توفي زوجها الحبيب عبد العزيز قامت بتربية أبنائها تربية صالحة حاثة لهم على أداء الصلوات في أوقاتها والتحلي بالأخلاق الفاضلة، والجد والاجتهاد في أداء دروسهم أولاً بأول كي يسعدوا في قابل حياتهم، ويكونوا قدوة صالحة لإخوتهم الصغار، ولبنة قوية في بناء وطنهم، والحرص على صلة الرحم.
-2-
والعطف على الضعفاء والمساكين كي يفوزوا برضى المولى وسعادة الدارين، ولله قول الشاعر حيث يقول:
الأم مدرسة إذا أعددتها
أعددت شعبا طيِّبَ الأعراق!!
والحمد لله الآن أصبحوا ناجحين في حياتهم العلمية والعملية، يقتدى بصفاتهم الحميدة واستقامتهم وبحسن تعاملهم مع مجتمعهم، وتواصلهم مع أسرهم، وهذا بفضل الله ثم بدعاء الوالدين لهم بالصلاح والفلاح، فهي امرأة فاضلة عاشت في بيئة صالحة وقدوة حسنة، كما لا ننسى التواصل بيننا وتبادل الزيارات مع زوجها وعقيلتيه، وقبل ذلك كان التواصل مع ابنة العم طرفة بنت محمد الخريف (المطوعة) أم عبد العزيز الحرقان - رحمهم الله جميعاً - وكأني بأم إبراهيم حينما شعرت بدنو أجلها حثتهم على التواصل مع أقاربهم ومعارفهم متذكرة معنى هذا البيت:
نبادلهم الصداقة ما حيينا
وإن متنا سنورثها البنينا!!
ومما أثر في نفسي ما شاهدته عند آخر زيارة لأخي الحبيب عبد العزيز - رحمه الله - في آخر مرضه بعد صلاة الظهر حينما أتت ابنته الصغيرة سارة من المدرسة حاملة حقيبتها، وقبل وضعها أقبلت تقبل رأس والدها، وكأنها رغم صغر سنها تخفي شيئاً ما لما رأته على تلك الحالة..، وهو بدوره حينما انصرفت عنه أخذ يتابعها بنظرات أبوية موميا بمقدمة رأسه وفي خاطره ما به كان الله في عونهما - تغمد الله الفقيدة بواسع رحمته وألهم أبناءها وبناتها، وإخوانها وأخواتها وأسرتها ومحبيها الصبر والسلوان.
- عبد العزيز بن عبد الرحمن الخريف