محافظة الزلفي، أو كما يحلو للبعض من أهلها أن يطلق عليها «درّة نجد» كما عنيزة القصيم «باريس نجد» هي إحدى محافظات منطقة الرياض والقريبة من قلبها النابض، المكاني، والملكي، الزلفي ليس بالوسع جهلها، كيف لا! وقد تغنّى بها الشعراء، كالحطيئة
(ماذا تقول بأفراخ بذي مرخ... زغب الحواصل لا ماء ولا شجر) وغيره من الشعراء، الغابرين والمعاصرين، الزلفي، ديرتي، التي ولدت فيها، وعشت فيها، وترعرعت على أرضها الخصبة، وتحت سمائها المتلألئة ليلاً، بالكواكب الدرّية، واستنشقت هواءها المنعش، في ليل صيفها الساحر، يقول الشاعر عبدالله الدويش يرحمه الله:
(أظن ما يحتاج ناصف لك الديار... ما قف طويق حي هاك الديارا)
(شرقيها ضلع كما المزن ظهار... وغربيها من نايفات الزبارا)
ذكر (الزلفي) أبو الفرج الأصفهاني في كتاب (بلاد العرب) وذكرها ياقوت الحموي في (معجم البلدان) وابن بليهد في (معجمه) وحمد الجاسر يرحمه الله في (مجلة العرب) وغيرهم كثير جدا، الزلفي ليست بالبعيدة عن الرياض، وكما في المثل « حذفة حصاة « مسافة (250كم) شمالاً، ولا يمكن لكائن من كان وخاصة من ولد في هذا الوطن العزيز وتلقى تعليمه العام فيه، إلا ويعرف محافظة الزلفي وتاريخها المجيد، المرتبط مباشرة بمؤسس هذا الكيان الشامخ، لا يمكن أن يجهل موقعة « روضة السبلة « التاريخية، الفاصلة، والشهيرة، هذا المكان الذي بات مقصداً للزوار من داخل المملكة ودول الخليج، لا سيما وقت الربيع، حيث تختال (روضة السبلة) ضاحكة بخزامها، ونفلها، ومتنوع أزهارها، وربيعها الأخاذ، كانت إلى وقتنا القريب، ويبدو أنها لا تزال، مصدر خير لأهالي الزلفي، من خلال ما يسمى «بالبعل» وهو زراعة القمح على أرضها الخصبة، وعلى خيرات الأمطار، وسيل وادي مرخ الشهير، الذي شكّل ورسم في السنوات الأخيرة، ما يعرف « بالكسر» على ضفاف الرمال الذهبية، يستمتع الجميع بالمشهد الزاهي، ماعلينا، كثيراً ما كتبتُ عن ديرتي (الزلفي) وكما قيل «ياشين هرج البدو قال من كثر ترديده « مع أني ممن يحب البدو وعلومهم الزينة، عرفتها من والدي رحمه الله ومن ابن عمي «ابن روق « الشهير، وهما اللذين، ألفا، طبع البدو الرحّل في الحل والترحال، الزلفي بماضيها وتاريخها ورجالاتها، تعرفهم قيادة هذه البلاد العزيزة، منهم من عمل في بيت المؤسس الملك عبدالعزيز - رحمه الله - يعتمد عليهم في تربية أبنائه الملوك رحم الله من توفي وأطال بعمر الباقين، ومن رجالات الزلفي الوزراء والعلماء والمشايخ والأطباء والدكاترة في كل فن، ومنهم المثقفون والأدباء والشعراء، الذين أسهموا في بناء هذا الوطن، بكل ولاء وانتماء، لا يشك في أحدهم، إلا صاحب هوى، وشر، وفتنة، أهالي الزلفي رجالاً ونساءً، كما غيرهم في مناطق المملكة، يتميزون بمتانة الحب والولاء لقيادة هذه البلاد، بعد الأحداث الأخيرة التي ارتكبها تنظيم «داعش» الضال، بدعم من إيران الفارسية المجوسية الصفوية، بهدف إثارة الفتنة بين السنة والشيعة في المملكة، وزعزعة أمنها الوارف، ارتفعت بعض الأصوات النكرة، لتنال من بعض المدن لمجرد أن زاغ فكر شاب من أبنائها، اختطفته أيادي الفكر المنغلق، على حين غفلة من أسرته، التي يؤلمها، ما ارتكبه ابنها في حق الوطن، وهي أسرضرب ذكرها الطيب آفاق الديار، وعرفتها قيادة هذه البلاد، كما تعرف أبناءها، معظم العوائل والأسر في مناطق المملكة، قد ابتليت بأبناء، سلب الأشرار عقولهم، وغسلوها جيداً، وسخروها مع الوقت، لضرب الوطن وإثارة الفتنة، وعوائلهم وأسرهم، لا تقر لهم جرائمهم، ويتجرعون آلامها، ليس لهم حول ولا قوة، إزاء زوغان عقول أبنائهم، ومروقهم، قال تعالى ( ولا تزر وازرة وزر أخرى) نحن أمام هذا المشهد المؤلم من بعض أبناء الوطن في حق وطنهم، ومع شدة وقعه على نفوس الجميع بما فيهم أسر هؤلاء الشباب الغض، نرى البعض - هداه الله - يرمي أسراً بالكامل، لمجرد أن شذ أحد أبنائها، وسلك طريق الغواية، بل نرى من يرمي بلد كامل، جراء فعل (آحادي) شاذ، ويحبك الإشاعات ضده، هالني أحد من النكرات في «تويتر» يقول أنه يعرف أسراً في الزلفي، تمنع أبناءها من التعليم، لقد ارتكب هذا النكرة جرماً في حق أهالي الزلفي، شخصياً لا أعرف بالزلفي - وأنا أحد أبنائها - من يمنع ابنه أو ابنته من التعليم، ولو فرضنا جدلاً، من وجد يمارس هذا السلوك الشائن، فهو لا يعدو كونه شاذا، والشاذ لا حكم له، ولا يقر له فعله، أيضا نرى بعض (الهاشتاقات) التحريضية وغير المقبولة، تحاك، بغرض الإساءة للبلد الفلاني . محاولة إلصاق التهم على أهل بلد بعينه، أو على أسرة كاملة، بسبب فعل (أحادي) نشاز، هو تعد، واستعداء، في نفس الوقت، يلزمنا أن نكون عقلاء، وحكماء، نضبط تصرفاتنا، ونزن أقوالنا في هذه الجزئيات الحساسة، ونعي تبعاتها على الوطن برمته، ونراعي مشاعر الأسر التي ابتليت في ابن لها شذ وانتكس، زاغ عقله، وارتكب جرماً في حق وطنه، من يتصدى لمثل هذه التوجهات والإشاعات الخبيثة، قولاً واحداً، هو يريد الفتنة، وهو بتصرفه القبيح هذا، يقف بجانب العدو المتربص، الهادف إلى زرع بؤر، تكون منطلقاً له، لشق الصف، وتمزيق اللحمة الوطنية، ويقدم خدمة له، لا يحلم بها، نعم تنظيم داعش، استطاع أن يخطف العقول الغضّة من أبنائنا وبناتنا، ويشكّلها على هواه، مما يستوجب علينا جميعاً، بأن نعي اللعبة القذرة، ونتنبه لأبنائنا وبناتنا، ونحصنهم من هذه التنظيمات الموغلة في التشدد، ونبين لهم أهدافها ومراميها الشريرة، ونبعدهم عن الدعاة والمشايخ المحرضين، ذات الصبغة المتشددة، هؤلاء الضّلال من الدواعش ومن لف حولهم، وتعاطف معهم، لبسوا عباءة الدين، ولبسوا ودلسوا على العامة والرعاع، حتى أوقعوهم في شر أعمالهم، نسأالله السلامة والعافية..ودمتم بخير.