حميد بن عوض العنزي
** شكلت قضية العمالة المنزلية ضغوطاً كبيرة على بعض الأسر السعودية التي لم تجد بُدًّا في ظل غياب الحلول من اللجوء إلى العمالة المخالفة التي استغلت الوضع؛ حتى أصبحوا هم المتحكمين بسوق سوداء ضحيتها المواطن، الذي بات محل طمع من السماسرة والسائقين والعاملات أنفسهن. وهذا ناتج من عدم قدرة جهة الاختصاص الرسمية (وهي وزارة العمل) على معالجة القضية حتى الآن بشكل حاسم وفاعل، وكل ما يصدر هو تعليمات لم تنفذ على أرض الواقع - وكما قلت في مقال سابق نتمنى أن لا تتحول إلى مجرد استهلاك إعلامي - فمعظم مكاتب الاستقدام أفادت بعدم مقدرتها على الإيفاء بمدة الاستقدام الجديدة المحددة بشهرين، ولم تؤثر تلك التعليمات على السوق.
** قد يكون قرار فتح التراخيص لمن يرغب بتأسيس مكاتب استقدام أمراً جيداً لزيادة المنافسة في السوق بعد أن تقلصت المكاتب إثر إنشاء شركات الاستقدام التي خالفت كل التوقعات؛ فبدلاً من مساهمتها في إيجاد الحلول أصبحت هي إحدى المشاكل، على الرغم من الدعم غير المحدود من وزارة العمل لها فيما يخص التأشيرات؛ إذ حصلت كل شركة على عشرات الآلاف من التأشيرات، لكنها بطريقة أو بأخرى لم تقدم الخدمة المأمولة للمواطن، وبدلاً من أن تساهم في الحد من السوق السوداء تسببت بتوسعها.
** نعود إلى قضية السوق السوداء، التي تزدهر هذه الأيام قبل رمضان المبارك، ووصلت قيمة الأجرة الشهرية للعاملة المتخلفة، التي لا تحمل أي إثباتات، إلى نحو 3000 ريال شهرياً، وتشترط أيضاً الأعمال التي تقوم بها. وليس أمام المواطن المضطر إلا القبول. ولا ينتهي الأمر بدفع الراتب فقط؛ فهناك شبكة من السماسرة، وغالباً من السيدات، يشترطن مبلغ 200 ريال لإحضار العاملة، ثم يأتي صاحب السيارة ليكون مشوار التوصيل لا يقل عن 70 ريالاً، ولا يتعاملن إلا مع سائقين من بني جلدتهن؛ لتكتمل بذلك حلقة «نهب» المواطن.
** وللأسف، رغم المخاطر التي تترتب على تشغيل مثل هذه العمالة المتخلفة، التي قد تكون تحمل أمراضاً أو سلوكيات مخالفة، إلا أن سوقها نشط ومنتعش وبعيد عن الرقابة والعقاب؛ ما جعلها تنفرد بالمواطن، وتحول الحملة ضد العمالة المخالفة إلى مكاسب كبيرة بعد أن انفردت بالسوق، وعاثت به فساداً واستغلالاً بلا حسيب أو رقيب.