خالد بن عبدالله الغليقة ">
يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: «إنما ترزقون بضعفائكم». إن من يستقرئ أحوال الجزء الأكبر من جزيرة العرب (المملكة العربية السعودية)، سياسياً وسيادياً وأمنياً واقتصادياً وتنموياً، قبل قيام الدولة وبعدها لا يشك بأثر هذا الحديث، الذي يؤيده قوله عليه الصلاة والسلام: «الصدقة تطفئ غضب الرب»، ولا يستريب مؤمن أن رفع غضب الرب عن الفرد وعن الدولة سبيل للتوفيق والدوام.
كانت حال الناس في هذه المنطقة من العالم بائسة جداً، فكانت طاردة لأهلها، فيرحل الرجل إلى الأقطار المجاورة والبعيدة طلباً للرزق، فيرجع -إن رجع- من رحلته ليجد أن بعض من يعولهم قد رحلوا عن هذه الدنيا.
لكن الله أكرم أهل هذه البلاد بدولة أقامت شرع الله الذي به حياة الناس وأمنهم ورغد عيشهم، فكان مما أقامته صروح كبيرة بمسميات عدة، وبأشكال مختلفة، من جمعيات بر ومؤسسات ومراكز لرعاية المحتاجين والمعوزين والمعوقين والأرامل والأيتام والمرضى، داخل المملكة وخارجها، أسس كثير من حكام هذه البلاد وولاة أمرها، وترأس عدد منهم كثيراً من مجالسها، فكان لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان نصيب كبير وسهم وافر، لأنه يعلم يقيناً أثر هذه الأعمال والخدمات المقدمة فيمن تقدم لهم، وأن أثرها يتجاوز تلك الخدمة الذاتية، ويتعدى عتبة باب تلك المؤسسات والجمعيات إلى ما هو أعظم، حيث الفلاح الشامل والعام على جميع الأصعدة، بدليل قوله تعالى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (77 سورة الحج)، فالفلاح في خطابه سبحانه وتعالى شامل وعام، غير مقيّد، فما نراه من مكاسب ومغانم ونجاح على جميع الأصعدة من سياسة وسيادة واقتصاد وأمن ورغد عيش، مما لا حصر له من النعم والمنن، هو من الفلاح المذكور في الآية، وسببه فعل الخير من تبرعات وصدقات ومساعدات، من إغاثة ملهوف، وإطعام جائع، وتأمين خائف، وكسوة عارٍ، ومعالجة مريض، ورقء دمعة يتيم، وعون معوّق، ومواساة أرملة.
فهذه رسالة من ولاة أمرنا الكبار، وعلى رأسهم الملك سلمان، لمن يليهم من ولاة الأمر بأن هناك أعمالاً وأفعالاً يظن بعضهم أنها صغيرة، وأن أثرها قليل، لكنها عند الله كبيرة، ومفعولها كبير، فإنما ترزقون بضعفائكم فافعلوا الخير لعلكم تفلحون.