د. إبراهيم بن ناصر الحمود ">
كثيراً ما نسمع من يقول (أنا حر) عندما توجه إليه اللوم على عبارة كتبها أو قالها، وهو يقصد حرية التعبير عن الرأي، لأن هذا حق من حقوقه التي كفلها له الإسلام، لكنه نسي أن هذه الحرية ليست حرية مطلقة، وإنما هي حرية منضبطة بضوابط لا بد من توافرها حتى تكون حرية معتدلة كما رسمها الإسلام، كما أن الحرية أيضاً غير مطلقة حتى عند غير المسلمين، مراعاة لحقوق الآخرين وما تقتضيه الأنظمة وفي حدود المسموح به عقلاً وشرعاً ونظاماً.
بناءً على ذلك ليس من حق الإنسان أن يقول أو يفعل ما يشاء بلا قيود، وإلا أصبح جسداً بلا عقل يميز الحسن من القبيح، ومتى تجرد الإنسان من حدود المألوف أصبح منبوذاً في مجتمعه ومن حق غيره الأخذ على يده إذا تجرد من ضوابط حريته حتى لا يلحق الأذى بغيره بلسانه، ويمكن القول إن حرية التعبير عن الرأي مقيدة بضوابط أهما:
1- أن يكون الرأي موافقاً للعقل والشرع والنظام، فمتى خالف أحدها فهو رأي مرفوض لا يعتد به ويرد على صاحبه.
2- أن يكون الرأي يحقق مصلحة أو يدرأ مفسدة، ومتى خالف هذه القاعدة فلا يقبل على إطلاقه ولا بد من مناقشة صاحبه.
3- أن لا يلحق الرأي أذى بشخص آخر أو جهة أخرى، لأن التعبير عن الرأي لا يعني التجريح والإساءة للآخرين.
4- ألا يحمل الرأي صفة التعصب، بل يكون قابلاً للنقاش والحوار مع الآخر.
5- أن يكون صاحب الرأي عالماً بما يقول مدركاً أبعاده حتى لا يكون إمعة (سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته).
هذه أهم الضوابط التي ينبغي أن ينضبط بها الرأي ويلتزم بها صاحبه، فليس هناك حرية مطلقة في التعبير، بل محفوفة بدرء المفاسد وجلب المصالح، وإلا فالسكوت من ذهب، والصمت حكمة. ولا ننسى (قل خيراً وإلا فاصمت).