رمضان جريدي العنزي ">
سلمان بن عبدالعزيز، يا مليكاً تسيد عقول الأنام، أيها البحر والهدوء والزلزلة، يا قمر، يا عشب، يا قنديلاً يطل علينا من الرابية، يا حلماً، يا شجرة مثمرة، يا وضح النهار، يا ماء في الأفق المفروش، يا صاحب المجداف والمقود، يا حامل المصابيح العظام، يا سفينة تجري بنا سارحة، بيدي زهرة قرنفل، وفاكهة نضرة، وابتسامة فارهة، سأمضي إليك مثل الريح، لأحط عند شجرتك الشجرة، وأمنحك باقة زهر، وسلة فاكهة، وكلاماً جميلاً مطرزاً بتراتيل المفردة، أيها المليك الجليل، يا همهمة القصيدة، يا مبللاً بالشمس، يا غيمة حبلى بالمطر، يا نصوص الكلام الشفيف، يا الغناء المصون، يا سليل الملوك الملوك، يا مهجة الشعر، وقول الشعر، وبارقة السناء، ومستحق الثناء، يا ذا الصفات البارقة، والعلامات الفارقة، يا الذي يغار منه الرجال الرجال، يا البياض الذي ينتج بياضاً، يا لون الربيع، يا بهاء الربيع، يا سيد البنفسج، والمروج الخضر، والنبت والزينة والغرس، يا ظلال الظلال، يا موغلاً في القلب، وساكناً في القلب وفي الذاكرة، يا سوسنه الرجاء، يا النهر، يا أبواب البحر، يا حقل، يا فاكهة، يا غصناً أثقله امتلاء الثمر، يا نصب النصر، يا الأماني العظام، يا مطراً يلثم أوراق الروح، يا قامة نخيل مثقلة بالطلع، يا حبلاً يمتد من أقصى الأرض إلى أطراف السماء، يا شهقة تلامس بشرة مطر آت، يا باحة الدار، وظل الدار، وسور الدار، يا سوسنه الكلمات عند شرفة اللهفة، أيها الملك الملك، والسيف والسطر والمسطرة، والنظر والمنظرة، والنبتة والبذرة والثمرة، والغيم والثلج والحديقة المبهرة، والحبر والقرطاس والمحبرة، والحزم والبت والجزم، حشدت لك الكلمات هتافاً، والبلاغة لافتات، أناملي الغارقة في بحار الحبر كتبتك عطراً يزهو بك، يا فيوض الشموع، يا ندى النوافذ، يا وجه الماء، ولون الحقل، والعشب والبارقة، لا حروف فاسدة عندي، ولا عطن ولا بهتان، ولا فصيلة خبث في دمي، ولا مشاكة زائفة في روحي، ولا مكائن أو مكامن أو مكايد في جسدي، ولا أمارس الجهل والتنطع، وليس لي سعار أو نباح أو شرور أو تجنٍ، غير أن كريات دمي أبت إلا أن تتحرك نحو شرايين دمك لتتحد في احتفاء فوق العادة، لأهديك كلاماً معجوناً من شمس وقمر وحروف من نور ووهج، أيها الملك الملك، البارحة جالستني في المنام، منحتك زهرة، ومنحتني طيب كلام، وزهو عافية، وقتها مرت بنا فراشة تتغذى من رحيق البنفسج الذي زرعته والياسمين، مرت عليا الليلة وما مرت ثقيلة، قلت لك يا سيدي حينها بأننا بوقتك صرنا حالمين، نصحو من عافية لنصل لعافية ثانية، وحتى السنابل صارت بفعلك متوهجة وعامرة، متقد هو أنت، فوق الهضاب وعلى الوهاد والمنحنى، في وقتك انسكبت الشموس من النوافذ، ركضنا كالغزلان، ظفرنا جدائل الشمس، وجمعنا طويلاً ضياء القمر، صرنا عسل ونوراً وضفة نهر وفانوس اشتعال وغيوماً تمطر ورداً وماء، في وقتك أوقدنا فوانيس الفرح، وقناديل البهجة، وما عادت أصواتنا محبطة ولا مقهورة ولا مهزومة أو مهزوزة ولا يائسة، نهش على الفراشات النائمة لتسابق الشمس في الحقول اليانعة، حلقت بنا في فضاءات الحكمة، لتمنحنا تباشير السرور، يا أيها الملك الملك، يا رأس الفكر والبعد والتأمل، يا الذي تنساب مثل قطرة ندى على أعواد الغصون، يا متوهجاً مثل رعشات الفجر، يا متوغلاً في البياض، يا ابن من بضلوعه وعرق جبينه شيّد لنا معالم هذا الوطن، يا ابن من بلهفته وحبوره خلّصنا من جحيم الحياة والخوف والجزع والهاجس والتمرد، وفتح لنا فردوس الرحمة والضياء والأمان، يا ابن من نسج من خيوط دمه هيكلاً وكياناً، يا ابن من وحّد الوهاد والسهول ورسم الحدود، يا ابن من أرعب الليل بحوافر الخيل، يا ابن من ألغى الصراخ والصراع والجوع والنهب والتشرد والظمأ، وجعل من الجدب حقول قمح وسناء، يا ابن من خرجت من أفعاله البيضاء آية، كلما رويت عنه حكاية عظيمة جاءت بعدها حكاية وآية، أيها الملك الملك، يا صاحب القامة، والهيبة، والمكانة، الشمس في جبهتك، والقمر في حضرتك، قصرك مزدحم وعامر، يدخل فيه حشود، ويخرج منه حشود، بابك مشرع، وسراجك مضيء، وقولك هو الفصل الحد، عندك يتسع القضاء، وينتشي الثناء، ويكبر فيك البهاء، وفيك النقاء، أيها الملك الملك، يا لوحة الماء، يا بحراً، يا الصباح الندي، يا سيد النخيل الباسقات الخضر، يا العذق المليء بالبلح، يا السحاب، يا أرض الربيع، يا الحرث، يا الزرع، يا البرق، يا لون الغمام، أيها الملك الملك، أكتب إليك بلا مناشف، عارٍ إلا من جلدي ولحمي وعظمي وإخلاصي وولائي، وصدق معنى وقافية، ومتعة حرف وعافية، وأضلع حانية، ولأن فيك اكتمالاً، ووجه حياة، وفيك روحاً حالمة، لهذا تشد حروفي إليك مطايا مطايا، لتنوخ ببابك طائعة مبايعة، ولأهب لك تحيتي وسلامي، فسلام عليك، سلام عليك مثل رغيف الظهيرة، وشمس الشتاء، وصفحة الماء، ورائحة الندى، ولون الخميلة، سلام عليك يقولها طائر في السماء رآك فرّد وغنّى، سلام عليك يا ضياء المدينة، وضفة المدينة، وسيد المدينة، سلام عليك حين يحط الحمام، وحين يطير الحمام، وحين يجيء الغمام، وحين يحل السلام، وحين يقوم الأنام صلاة لرب الأنام، سلام عليك من فاتحة الكلام لآخر حدود الكلام.
ramadanalanezi@hotmail.com
@ramadanjready