إعداد - تركي إبراهيم الماضي:
صدر عن دار جداول للنشر والترجمة في بيروت كتاب بعنوان «تاريخ الفلسفة في القرن العشرين» للمؤلف كريستيان دولاكومبان
عن الكتاب: هل يتعين على الفلاسفة أن يهتموا بتاريخ الفلسفة؟
عندما تريد إعادة قراءة المائة سنة الأخيرة من الفلسفة الغربية يجب أن تكون قراءةً نقديةً، إذ يستحيل عليها أن تقدّم نفسها كقراءة (محايدة) أو (غير ملتزمة). لأن التاريخ، أو إعادة البناء، هو طريقة واحدة من بين طرق عديدة أخرى لقراءة النصوص. كما يعتقد البعض أن الفلسفة ليس لها تاريخ، وأنها تمثّل التعميق الأبدي لسؤال واحد لم يحظ أبدًا بإجابة نهائية: ذلك أنه يتعيّن على أي فيلسوف أن يبدأ كل شيء انطلاقًا من الصفر. ولأنه يعتقد أن المكانة التي تشغلها الفلسفة هي مكانة علم مستقل بذاته ومحكوم عليه أن يتقدّم بخطى بطيئة، لكنها ثابتة: وبذلك ستكون دراسة أخطائه الماضية أقل جدوى من البحث عن حقائق جديدة.
لذا فقد حصر الكاتب حقل دراسته في الفلسفة بمعناها الدقيق، وذلك رغبة منه في الحفاظ على تماسك هذه الدراسة.
إذ لا يمكن للقارئ أن يعثر هنا على معلومات خاصة بما يسمى العلوم (الإنسانية) أو (الاجتماعية) إلا إذا بدت الإحالة إليها ضرورية: كاللسانيات والعلوم المعرفية وعلم الأخلاق وعلم النفس والتحليل النفسي وعلم الاجتماع والعلوم السياسية والتاريخ والإتنولوجيا والأنثروبولوجيا. وكان ملزمًا، لنفس الأسباب، بالاقتصار على (أهم) الفلاسفة الذين ساهمت كتاباتُهم في تغيير شكل هذا (المجال المشترك) تغييرًا جوهريًا. وإذ لم يستحضر بالقدر الكافي، بعضَ الأعمال الرائعة في هذا الكتاب، فإن ذلك لا يرجع إلى (نسيان) أو لامبالاة، بل إلى أنه لا يمكن أن يقحمها بدون مَكْر وتصنع.
وباختصار، فإن مرد ذلك هو أنها ظلت، رغم أهميتها الجوهرية، هامشية أو محرومة من النسل.