كن مسلماً ليبرالياً ولا تكن ليبرالياً مسلماً ">
دار المؤلف
د. محمد بن مريسي الحارثي
«لم تكن الليبرالية ذات محددات تعريفية.
فليس من تعريف جامع مانع لها، وليس من تعريفات نوعية. إنها صناعة أفكار تحولية تداولية تجاوزت حدود السياسة، والاقتصاد إلى القبول المطلق بالمغايرة القابلة للتحولات التغييرية دون إلحاق الضرر بالذات، وبالآخر. بالفرد، وبالمجتمع عند المنتمين إليها أو المتأثرين بها.
إن البحث عن الحرية، وسلامة الاختيار ظاهرة لازمة منذ الوجود الأول للإنسان على ظهر الأرض. لكن تقنينها في حدود النوع والمستوى مر بمراحل طويلة.
وإن التحاور بين الغاية والوسيلة يعد بنية من بنيات المثاقفة الحضارية، نظراً إلى أن الإسلام يمثّل رأس الحضارة الإسلامية ومصدرها، وهويتها وأن الليبرالية بمضمونها الواسع قد حضنتها الحضارة الغربية، وأن الاتصال بين الحضارات وأخذ بعضها من بعض لا يختلف حوله اثنان.
وقد حاول المؤلف في هذه الدراسة أن يبحث عن العقل العربي الجديد ذي الاستقلالية الفكرية، والفهم الثاقب القادر على التثاقف، والحوار مع منجزات حضارات الكون باقتدار، ووعي عميق بذاته، وبالآخر تمهيداً لضبط حركته الإدراكية في حدود المنطق، والممكن والمعقول. والمهيأ للإطلالة على طرائق المثاقفة، ومسالكها، ونتائج التأثر، والتأثير، بين الاختيار الحر، والصراع المر، وكيف أن وسطية الحوار تؤدي إلى اعتدال الرؤية الحضارية، وسلامتها من الزيغ، والهوى للوصول ما أمكن بكينونة الانتماء بين الغاية، والوسيلة إلى تقريب الرؤى من بعض مشتركات الحضارات المعاصرة. وبخاصة بين حضارتي الإسلام، والغرب في عصرنا الحاضر.