مؤسسة بحسون للنشر والتوزيع
كتاب يضم صوراً لعدد كبير من الشعراء الذين تضوروا جوعاً، أو تمسحوا على أعتاب الحكام، يتلمسون بلغة الحياة، بالتغني بمآثرهم ومدحهم، نماذج منوعة لمن عاش منهم في الفقر والفاقة والتشرّد والحرمان، أو لمن دفع حياته ثمناً للقمة العيش.
إنهم شعراء عانوا واختلفت أسباب معاناتهم، لكن العوز وحدّهم كما وحدتهم الشاعرية، فنضحت بكل إبداع لافت مخضب بجراح الضياع والمآسي التي غنّوها بأوتار سجونهم ومناقبهم وتشردهم، وأغنوا الآفاق بإبداعاتهم، فهم شيوخ شعر ونجوم دهر، فباتوا في ظلمات التجاهل والتنكر لهم، وإهمال شأنهم، وصاروا عبرة للماضين والآتين.
وقد جاء هذا الكتاب فريداً في موضوعه، طريفاً في مضمونه، يمتاز عن غيره من الكتب بالإمتاع والتشويق والفائدة والمتابعة، فهو كتاب موجه للخاصة والعامة على السواء، من خلال قراءة العديد من الشعراء والوقوف على حياتهم الخاصة ومجتمعاتهم وبيئتهم ومآثرهم التي تجسدت بفروسيتهم وشجاعتهم وبلاغتهم، معاناتهم وتطلعاتهم. ومع ذلك، فقد كان لأكثر هؤلاء الشعراء الذين انتهوا من رحلة الحياة وهم في غاية البؤس والفقر والحرمان، لقد كانت الابتسامة المرتجفة ترتسم على شفاههم، يضحكون وهم يبكون، ولم تفارقهم العبارة المرحة وهم جائعون، وذاكرتهم نشطة معطاءة، في ذهنهم روايات وحكايات، كلها ظرف وابتكار وخفة ظل. مما دفع الشعراء والأدباء والمفكرين والباحثين قديماً وحديثاً أن يرصدوا ويدونوا نتاجهم وإبداعاتهم المتسمة بالمآسي وضنك العيش.
وما زال نتاج هؤلاء الشعراء المبدعين نتوارثه جيلاً بعد جيل، لما فيه من مواقف إنسانية معبرة، وهذا ما دفع المؤلف إلى التنقيب والغوص في كتب الأدب والتراث نافضاً غبار النسيان عن بعض شعرائنا الذين عانوا وتألموا وتعذبوا، جامعاً أقوالهم وأشعارهم في هذا الكتاب خوفاً من النسيان لئلا تتلاشى وتضيع. والكتاب أيضاً كشف إنساني للكلمة الشاعرة في تراثنا العربي ومعاناتها وانكساراتها المعنوية والمادية، وتعريف بكم كبير من الشعراء قديماً وحديثاً الذين ذاقوا مرارة الدنيا وضاقوا بالعيش فيها.