بقلم - مهدي مير ماضي وسوبو نارايانان وريتشارد سيلشوب وجوناثان تيلي:
اليوم باتت الروبوتات ترى بطريقة أفضل، وتفكّر أسرع، وتتكيّف مع الأوضاع المتبدّلة بمزيد من الجهوزيّة، وتعمل برفق أكبر، فتساعد هذه التحسينات على توجيه الطلب، حتّى أنّنا نتوقّع مضاعفة لعدد الروبوتات الصناعيّة حول العالم؛ ليناهز أربعة ملايين بحلول العام 2020، وتبدّل المشهد التنافسيّ في عشرات القطاعات، بدءاً بالتعدين، ومروراً بالتجزئة وصناعة الفضاء.
ستحمل هذه التغييرات تداعيات عميقة، تطول ملايين العمّال حول العالم وآلاف الشركات، وسط ترجيحات بأن تشهد بصمات قطاع التصنيع تغيّرات جذريّة، وأن تظهر نماذج أعمال جديدة لمساعدة المبتكرين على الاستفادة من فرص جديدة وإحداث خلل في القطاعات.
يمكن الكلام عن ثلاثة توجّهات مؤثّرة، تدفع إلى استعمال الروبوتات:
1. ثمنها أرخص بكثير: مع تقدّم التكنولوجيا وتوسيع نطاق إنتاج الروبوتات تراجعت التكاليف بنحو 50 في المئة منذ العام 1990، في حين أنّ تكاليف القوى العاملة الأمريكية ارتفعت بنسبة 80 في المئة. وفي الصين ارتفعت أجور قطاع التصنيع خمسة أضعاف منذ العام 2008؛ وبالتالي من غير المفاجئ أن تقرّر الشركات الصينيّة اعتماد الأتمتة بوتيرة متسارعة.
2. هي أكثر ذكاءً واستقلاليّةً: بفضل التقدّم المحرز على صعيد الذكاء الاصطناعي وتقنيّات الاستشعار باتت الروبوتات قادرة على مواجهة التفاوت الكامن بين مهمّة وأخرى. وبفضل تكنولوجيا الآليّات الموجّهة آليّاً اكتسبت الروبوتات قدرة على التنقّل تُعتبَر ضروريّة لعمليّة التعدين، والتنقّل في المستودعات، وتسليم القطع في معامل التصنيع.
3. يحدث تكامل بين آلات باتت أكثر أماناً وتروّياً من جهة، والقوى العاملة من جهة أخرى: بفضل أنظمة السلامة المتقدّمة بات عمل الناس جنباً إلى جنب مع الروبوتات ممكناً؛ فأصبح كلّ طرف يكمّل مواطن القوّة التي يتّسم بها الطرف الآخر. واليوم تستطيع الروبوتات رصد المسافة بينها وبين المشغّلين، والتكيّف مع سرعتهم، وترصد قوّة الحركة ونطاقها لتجنّب أيّ اصطدام.
بفضل القدرة على الرؤية وعلى تحسّس مستويات القوّة أصبحت روبوتات التجميع قادرة على المشاركة في مهام تجميع دقيقة بشكل متزايد. يقول أحد مصنّعي الروبوتات إنّ الآلات التي ينتجها تستطيع إدخال خيط في الإبرة، فضلاً عن أنّ الروبوتات باتت أكثر تنسيقاً، وبإمكان بعضها العمل معاً على المهمّة عينها.
صحيح أنّ الروبوتات ستحلّ مكان بعض البشر الذين يؤدّون اليوم أعمالاً يدويّة، لكنّها ستتطلّب أيضاً من الشركات تعيين آلاف الموظّفين من ذوي المهارات في مجالات التحليل، والبرمجة، وتكامل الأنظمة وتصميم التفاعل.
ومع أنّ الروبوتات تستطيع القيام بمهام بطريقة أفضل وأسرع منّا لن تستبدل بالكامل التوقّعات التي يُصدرها البشر وحكمَهم على الأمور، بل ستنصبّ أكثر على الرياضيّات، وتدقّ مزيداً من المسامير، وتُدخل خيوطاً في عدد متزايد من الإبر.
** ** **
(مهدي ميرماضي وسوبو نارايانان وريتشارد سيلشوب وجوناثان تيلي يعملون جميعاً بمكاتب «ماكنزي» في أرجاء مختلفة من الولايات المتّحدة)