هدى بنت فهد المعجل
الاعتراف إقرار منك بالشيء دون ضغط أو تهديد أو خوف، ذلك لأن الاعتراف حرية شخصية وبالتالي فإن طبيعة أغلب النزاعات هو الاعتراف، من أمثلته غياب الاعتراف القانوني الذي نتج عنه عدم التكافؤ في توزيع الخيرات وبالتالي تأليب النفوس وشحن الأذهان والصدور.
نظرية الاعتراف نظرية اشتغل عليها الفيلسوف «هيغل»، وألف في شأنها «أكسل هونيث» الفيلسوف الألماني كتابه «الصراع من أجل الاعتراف» ويعتبر أهم كتاب عالج موضوع الاعتراف في الحقل الفلسفي السياسي والأخلاقي. تُرجم الكتاب إلى لغات كثيرة كالفرنسية والانجليزية والإيطالية واليابانية وغيرها من لغات العالم، ولا أظنه قد ترجم للغة العربية حتى الآن!!. يرى هونيث أن كل مقاربة لمفهوم الاعتراف تستدعي العودة إلى كتابات هيغل، أو من حاول دراسة العلاقات الاجتماعية بوصفها علاقات بين ذوات تسعى لتحقيق الاعتراف المتبادل. حيث إن الاعتراف المتبادل كفيل بوضع حد للصراعات الاجتماعية التي قوامها السيطرة والهيمنة والظلم الاجتماعي وبالتالي يتحقق للفرد تحقيق ذاته وفق أشكال ونماذج للاعتراف هي: الحب والحق والتضامن بحسب هونيث.
إن لجوء الفرد إلى الامتناع عن الاعتراف دافعه الأذى والضرر الجسدي والنفسي للمعترف، بجانب الضرر القانوني كالتهميش والاستبعاد، بالتالي سلب حقوقه وضياعها، والحرمان من المرتبة التي يستحقها وظيفياً أو اجتماعياً.
الاهتمام بالاعتراف كحق ونظرية لا نجده لدى مفكري العرب بالمقدار الذي نراه عند مفكري وفلاسفة الغرب منهم أكسل هونيث عندما طوّر نظريته في الاعتراف في السنوات الأخيرة، وعمقها لتطبيقها على الأبعاد الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وهذا ما قام به في كتاب «مجتمع الاحتقار، نحو نظرية نقدية جديدة» 2006، ثم في كتاب «التشيؤ» 2007، وحتى الآن لم تترجم أي من كتبه أمام ما تقوم به بعض دور نشرنا ومكتباتنا من ترجمة كتب الهدف من ترجمتها تجاري تسويقي ليس إلا!!.
كذلك صدر كتاب مشترك بين الفيلسوف الألماني أكسل هونيث والفيلسوفة الأمريكية نانسي فرايزر جاء بعنوان «اعتراف أم إعادة توزيع» نشر في نيويورك. وتشغل الفيلسوفة نانسي فرايزر منصب أستاذة كرسيّ «إعادة التفكير في العدالة الاجتماعية» في معهد الدراسات العالمية في معهد دار علوم الإنسان.
تعرضت نظرية أو مفهوم الاعتراف لانتقادات كثيرة، حيث ذهبوا إلى أن مفهوم الاعتراف يقود لتسييس الجماعات ومطالبها في حين أن الحقوق ينبغى أن تعزى للأفراد وليس للجماعات، بينما يرى راسل جاكوبي أن مفهوم الاعتراف مجرد «ثرثرة ذات طابع سيكولوجي، إنه الصياغة الفلسفية لذلك الهذر الخاص بتقدير الذات، مطبقا على الثقافات ككل. إن ما يشوّه الناس هو عدم وجود وظائف أو وجود وظائف سيئة، والمجتمعات المنهارة، والعلاقات الإنسانية الرثّة، والتعليم القاصر، لا «الاعتراف الخاطئ» مهما كان معناه» قال ذلك في كتاب «نهاية اليوتوبيا» في مراجعة له لنانسي فرايزر.
أياً كان الموقف من الاعتراف النظرية أو الاعتراف المفهوم فإننا لن ننكر أن عدم الاعتراف تسبب بالذي رأينها ونراه وسنراه في المجتمعات والدول من شعوبها، ومن تمثيل دور الضحية في المجتمع وإعلاميا طمعاً في اعتراف يناله الفرد أو يتحقق للمجتمع.