جاسر عبدالعزيز الجاسر
وإن لم تكشف اللجنة البرلمانية العراقية للتحقيق في سقوط الموصل بيد تنظيم داعش نتائج تحقيقاتها، إلا أن المعلومات أخذ تتسرَّب سواء من قِبل أعضاء اللجنة، أو من خلال التحرّك الذي تقوم به الجهات التي سهلت لداعش الاستيلاء على الموصل.
السيد عادل نوري برلماني عراقي كردي يمثِّل الحزب الإسلامي الكردي، وجَّه اتهاماً مباشراً لنوري المالكي رئيس الحكومة العراقية السابقة، وطالب بمحاكمة نوري المالكي من خلال المحكمة الجنائية الدولية بسبب مخاوفه من عدم جدية وحيادية القضاء العراقي الذي تلاعب به المالكي كثيراً.
البرلماني العراقي عزَّز من الشهادات والأقوال التي اتهمت المالكي بدور رئيس في سقوط الموصل، ومنها شهادات كبار الضباط العراقيين الذين أكَّدوا أنهم تلقوا أوامر بالانسحاب من الموصل، والنائب عادل نوري وهو العضو في لجنة التحقيق ينقل عن قائد القوات البرية في عهد المالكي قولاً في التحقيقات «إن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي هو المسؤول عن سقوط الموصل بإصداره أوامر للقادة العسكريين بالانسحاب دون قتال، الأمر الذي سهَّل دخول التنظيم لمحافظة نينوى وعاصمتها الموصل ثم التوسع بعدها إلى محافظات ديالى وكركوك وصلاح الدين».
نتائج التحقيقات البرلمانية حول سقوط الموصل لم تعلن وقد تأخر الكشف عنها لضغوط يقوم بها أعضاء حزب الدعوة الذي يرأسه المالكي ويناصره في ذلك حلفاؤه في التحالف الشيعي، لأن كشف ما جرى ومهد لسقوط الموصل سيكشف ما يجري حالياً من متغيِّرات أمنية وسياسية وحتى ديمغرافية ستغيِّر وجه العراق ويلحق هذا البلد العربي بإمبراطورية ولي الفقيه، فقد أدى سقوط الموصل ومن بعدها ديالى وكركوك وصلاح الدين وقبل ذلك الأنبار الذي تم إثر أخطاء قاتلة من نوري المالكي وتعامله القاسي مع تظاهرات ساحات الرمادي، أدى ذلك إلى إنشاء الحشد الشعبي، ضمن دعوة للمرجعية الشيعية وتشريع حكومي ليتم تجميع المليشيات الشيعية الطائفية في مؤسسة عسكرية يراد لها أن تكون أهم وأكبر وأكثر تسليحاً من الجيش العراقي، وبعد أن أصبح الحشد الشيعي واقعاً تطلب أن يُدعم بمقاتلين إيرانيين تحت غطاء «مستشارين» وتم ضخ عشرات الآلاف من المقاتلين الإيرانيين في نفس التنظيم المليشاوي، إذ جاء الإسناد والدعم من مؤسسة الحرس الثوري الإيراني الذي أخذ مهام الجيش الإيراني، وفعلاً شارك الإيرانيون في العمليات القتالية التي خاضها الحشد الشيعي ضد داعش في ديالى وصلاح الدين سابقاً والآن في الأنبار، ومع أن كثيراً من العشائر العربية تحتج على مشاركة الحرس الثوري في تنظيمات الحشد الشيعي، إلا أن المطلعين على ما يجري في العراق يؤكّدون أن المقاتلين الإيرانيين الذين يرتدون زي الحشد الشيعي لهم الغالبية وأن كبار الضباط وحتى ضباط التشكيلات الصغيرة، كالفصائل إضافة إلى الأفواج هم من الضباط الإيرانيين، وقد كشفت الجنائز التي أقيمت لقتلاهم في قم وطهران ومشهد عن المشاركة المكثفة للضباط الإيرانيين في المعارك وخاصة في الأنبار وقبلها في صلاح الدين، فضلاً عن قيادة قاسم سليماني للمعارك وقيادة هادي العامري الضابط في الحرس الثوري للحشد الشعبي الذي تؤكّد كل المعلومات الواردة من العراق أنه يتلقى أوامره من طهران، وأنه يعتبر نفسه أحد الأذرعة العسكرية لولي الفقيه، وبهذا يكون نوري المالكي قد حقق ما أراده الإيرانيون ومهّد لضم العراق إلى إمبراطورية ولي الفقيه مما يستوجب فعلاً محاكمته أمام المحكمة الجنائية الدولية كما يطالب البرلماني العراقي عادل نوري.