ناصر الصِرامي
كلَّما وضعوا تحت المجهر تبين الارتباك وفضح التقلب، وفهم التلون، والمراوغة مرة بعد مرة.. الحوارات السابقة في الصميم للزميل عبدالله المديفر أغرت الحزبيين، وأثبتت مجدداً أن طموحهم يتجاوز ذكاءهم، وحضورهم المتصنع أيضاً.
ومعه يتحدثون بمواربة ورسائل فوق وبين السطور، يبدو أن وجه الزميل المديفر الملتحي والهادي والمصنف من بعض بأنه القريب للتيارات الإسلامية المختلفة وفق أدبيات تصنيف الإسلاميين أنفسهم كان فخاً لم يدركوه، فخ قاد بعضاً منهم أو آخرهم للتمادي بشكل غير مسبوق!
ونجاح عبدالله هو في الوصول إلى الجميع، ومنحهم الفرصة للفضفضة التي يشتهونها، وفي لحظات قد ينسون أنهم في مواجهة الملايين من الآذان والأعين، وليس في الاجتماعات المغلقة أو بين قطيع الأتباع. أو يعتقدون أنها فرصة، لكنها سرعان ما ترتد فاضحة المعدن والتجاوز.
وهنا يكمن الفخ، ليظهر الصوت الحقيقى كاشفاً كلَّ الغموض والتقية والتنظير، لتصل المناورة إلى نهايتها.
علينا أن نتخلى عن بعض أحلامنا، وأفكارنا المتفائلة أحياناً، بقدرة الحزبيين على التغير، أو التطور، أو نسيان ماضي الجماعة أو الحبل السري مع مرشدها، أو المهارة في التحزب، فالأمر في كل الحالات لا يتجاوز كونه محاولة تجميل وترميم مؤقتة، قبل العودة إلى الأجندة السابقة، وربما أجندة أكثر زحفاً!
المؤسف أن يستغل البعض عبر تربص وتراص حزبي واضح ومتتال المنابر الإعلامية لبث الحسد والحقد المكتوم في الصدور، وبكراهية لا يمكن تجاهله، لنقد مقصود وتقليل لا يليق، وإساءة معلنة وأخرى مبطنة لملك من ملوك البلاد، أو لمرحلة بذلك النحو المركب، في إساءة للوطن والأمة السعودية، التي تواصل البناء والتقدم جيلاً بعد جيل، وملكاً بعد ملك، في تواصل متين.
والحقيقة المزعجة أنهم بكل هذه الإساءة والتشويش يستفيدون من سابق بنائهم الخاصة لأجيال ما يسمى بالصحوة، حيث هذا الخطاب الذي تشعب لعقود، وتجذر لعقود..
كل المؤشرات تؤكد أن تسويق الفكر الحزبي، كما المتطرف قد حقق نتائجه في التوغل للجهل الاجتماعي، حتى وصل لداخل العظم! ومنها ينمو التطرف وصولاً لفعل الإرهاب ذاته.. وللأسف فإن تكريس الجهل وتسطيح الدين وغايته وتسييسه، وتحويله لمشروع سياسي حزبي مغلق فكرة لن تتوقف عن البقاء، لكن الأهم أن تتوقف عن التوسع والجذب، نحو خلق أجيال أسوياء يتركز فكرهم على المستقبل والتنمية والبناء، من أجل هدف يسمو ببقاء الوطن ثابتاً مستقراً لعقود وعقود طويلة قادمة.
لكن المهم.. أن «قواعد اللعبة تغيرت» بالفعل، وذلك التضليل والتأجيج خارج احترام الدولة ومؤسساتها أصبح أمراً مفضوحاً، وغير قابل للمواربة. فالإساءة لملك أو لمرحلة هي اعتداء على الوطن، يفضح عن تدني أخلاقي وانتهازية وحقد حزبي مقيت.
ضبابية الخطاب الحزبي المتدين وتحريضه أصبحت مكشوفة وعامة، وليس كما كان في عصر الكاسيت والمراكز الصيفية، التي أسست للتحريض مبكراً بشكل مبطن أو ظاهر على الدولة ورجالها وقادتها.
أخيراً.. عندما قال سلمان العودة إنه «صعلوك».. وتبعه عوض القرني بالقول إنه «ذكي».. ولحقهم العواجي بـ «الإساءة» المتعمدة للوطن ولملك من ملوكها.. وكل ذلك على الهواء مباشرة.. وفيما كانوا يقدمون أنفسهم كـ»إصلاحيين».. ودعاة لمرحلة وعهد جديد.. فإنهم في الحقيقة لا يريدون ولا يبحثون إلا عن مساحة أكبر لهم في االنشاط الاجتماعي والحزبي.. ودور يميزهم داخل البلاد عن البقية.. ومقابل ذلك المزيد من التضييق على مخالفيهم والمزيد من الانتقام.. أو كما قال مرشد الإخوان ذات يوم.. «القصاص».. من الآخر.. كل الآخر..!