الماضي للوراق: مذكراتي ليست للنشر العام.. وحذفت موضوعات عائلية استجابة لطلب من محب!! ">
كتب - محرر الوراق:
مع أنها مذكرات ثرية في خدمة تاريخنا الوطني، فهي مذكرات ثرية مليئة بالوثائق، وفيها توثيق لمخاطبات ومكاتبات جاوز بعضها نصف القرن، وفي الكتاب معلومات تاريخية ومناطقية مهمة، إلا أن الأستاذ عبد الله بن عبد المحسن الماضي مؤلف هذا الكتاب «ذاكرة من الزمن» آثر أن يكون هذا الكتاب متداولاً على نطاق ضيق بين شريحة قليلة من المعنيين بالكتاب وموضوعاته، مما حدا بنا في الوراق للحديث معه، وهنا توثيق لهذا الحوار:
* نشرتم الطبعة الثانية من مذكراتكم (ذاكرة من الزمن)، وكما هو الحال مع الطبعة الأولى لم تطرحوها في الأسواق لتصل إلى أكبر شريحة من القراء.. بل جعلتموها في نطاق الإهداء وهو نطاق ضيق، لماذا لم يتم نشرها على المستوى العام لتكون في متناول الباحث والمهتم بالتاريخ، وبخاصة أن الكتاب وثَّق لبعض المشروعات الوطنية؟
- فكرة الكتاب تقوم على تجميع مقتطفات لمراحل حياة إنسان مرَّ بظروف من المعاناة منذ نعومة أظفاره.. دَوَّنها كإهداء لأبنائه وبناته، ولم يكن في الحسبان نشرها بشكل واسع، ولذلك اخترت اقتصارها الإهداء للأقارب والمعارف.. كما زودت مكتبة الملك عبد العزيز العامة بنسخ منه كنوع من التوثيق ولإتاحتها لمن أراد أن يبحث.
* نلحظ في هذه الطبعة زيادات عن الطبعة الأولى وهذا شيء إيجابي.. إلا أن القارئ يلحظ أيضاً أن هذه الطبعة نالها حذف لبعض الموضوعات.. هل لأنها غير مناسبة للنشر أم استجابة لرؤى.. أم مقص الرقيب؟
- التوسع بالزيادة أمر طبيعي، وقد جرى حذف موضوع نشأة الإخوان ونشأة الأرطاوية حيث جرى إفراد كتاب خاص بذلك.. كما جرى حذف أكثر من موضوع استجابة لطلب محب أبدى رغبته في ذلك.
* في الكتاب كَمٌّ من المراسلات والوثائق والمخاطبات، وأشرتم أن لديكم الكثير مما لم يتم نشره.. هل سنراها قريباً في كتاب آخر؟
- المراسلات: اخترت المناسب منها وأفردت لها مسودة كتاب تحت عنوان (رسائل احتفظت بها)، بأمل أن يرى النور قريباً إن شاء الله.
* يُقال إن أكثر ما ينتظره القارئ من كاتب المذكرات هو الاعتراف بالأخطاء والندم على مواقف وأحداث عفا عليها الزمن.. كم مساحة الاعترافات في هذه الذاكرة؟
- المساحة قليلة والاعتراف بالأخطاء أمر مطلوب ومن لم يخطئ لم يصب، ولا إيجابيات دون التعرض لأخطاء، وهو أمر طبيعي لكل إنسان في هذه الحياة.. لكن لديّ معادلة اخترت الوسطية منها، وبالرغم من ذلك لا بد من تباين في الرؤى، وهذا ما حصل.
* الأصول من بلدة حرمة والولادة في هجرة الأرطاوية والعيش والوظيفة بمدينة الرياض.. كيف خفقان قلبك لهذه البقع الغالية من الوطن؟
- بلدة حرمة موطن الآباء والأجداد، والانتماء موروث يجب على الوارث صيانته والاهتمام بما فيه من إيجابيات.. أما هجرة الأرطاوية فهي مسقط الرأس وميدان الطفولة والصبا والذكريات الراسخة في الذهن، وفترة الشباب والكهولة والشيخوخة هي مدينة الرياض التي تجاوزت ستة عقود من الزمن، والانتماء والمجهود ينصبان لبلدة الأصول (حرمة)، أما الحنين لذكريات الطفولة والشوق لتلك الشوارع والبيوت القديمة التي تُهيض عبرات في النفس عند ذكر هجرة الأرطاوية.. أما التعليم وما تيسر لي من ثقافة ومصادر رزق واستيطان فهي مدينة الرياض.. أدام الله على كافة وطننا نعمة الإسلام والأمن والأمان إنه جواد كريم.
* كثير من الناس يعرفون أنكم عملتم مع رجالات من خيرة أبناء الوطن، وقد آثرتم عدم الحديث عن مجالكم الوظيفي.. هل لنا أن نعرف الأسباب؟
- الحديث عن العمل الوظيفي.. يطول وقد يجر للحديث عن النفس، وكذلك لا تخلو سيرة العمل من مواقف ومنعرجات مع رئيس وزميل ومرؤوس، وما واجهته من الأطراف الثلاثة، ومع هذا فأنا أكن لهم المحبة، وما أُبرئ نفسي، وفي المقابل هناك الكثير ممن توطدت العلاقة معهم والاستفادة من خبراتهم وتجاربهم، وما زال التواصل مع الجميع حسب الظروف والإمكانية، لهذه الاعتبارات واعتبارات أخرى صرفت النظر عن الحديث عن ذلك الأمر.
* هموم الأسرة بدت راسخة في الكتاب أبرزتها بشكل شجاع.. ألم تخش من نقد في محيط الأسرة؟
- في مَعْرِض الحديث عن الأسرة.. أوردت مقتطفات عن ذلك ولم أَرَ ما يدعو إلى التوسع.. أما الحذر فإني أجد نفسي عضواً من أعضاء جسد واحد، وأجد أننا عموماً إخوان متحابون ومتعاونون ومهتمون جميعاً بالشأن الأسري، والاختلاف في الرؤى إثراء.. وأؤكد عن تجربة أن العقلاء فقط هم من لا يُفْسِد الخلاف عندهم للودِّ قضية.
* كتابك مصدر تاريخي للكثير من المطالبات بالنفع العام لأقليم سدير.. كيف ترون تجاوب المسؤولين سابقاً وتجاوبهم الآن؟
- موضوع المطالبات بخدمات ومرافق وشأن عام لكل من: حرمة والمجمعة والأرطاوية، وحفر الباطن أخذ من اهتمامي، وموضوع المعوقات قد يحدث لسبب ما، وقد كان في السابق أكثر مرونة، وبالرغم من التطور الذي يحظى به الوطن من تنمية شاملة خلال العقود الثلاثة الماضية.. إلا أن مضاعفة الجهد عامل مساند لتذليل أي صعوبة أو معوق، وقد تحقق ولله الحمد الكثير من عوامل التنمية التي عمت أرجاء الوطن.
* المجتمع يعرف عن أبي عبد المحسن وعن المنتدى الثقافي النشط.. لكنه غاب عن هذه المذكرات، لماذا؟
- المنتدى لم يكن مقنناً أسبوعياً أو شهرياً، بل حسب ما يحظى به من أهلية تجعله مؤدياً لواقع محمود، وهذا ما نطمح إليه.. ولم أجد ما يوجب الإشارة لذلك في مثل هذه المذكرات.
* كيف تقيمون مرحلة التقاعد والبعد عن العمل الحكومي والأضواء؟
- التقاعد محطة استراحة، وتأمل، وعبادة، وقراءة، وتدوين لما في الخاطر، وقد كان لي ولله الحمد نصيب من ذلك.. ممثلاً في خمسة إصدارات، وشيء من التحضير لثلاثة من الإصدارات الأخرى. أمَّا الشيخوخة وأعراضها وعلاجها.. فأنا ولله الحمد أتمتع بصحة جيدة ومسار متوازن، والأعراض سوانح من متقلبات الأجواء، ولم يكن لها ذلك التأثير، وهي تنبيه وتذكير لقادم يجب التحضير له من أسباب العبادة وفعل الخير، ودوام الشكر لرب العباد الذي وهب هذا العمر وهذه الصحة متوجة بالأمن والأمان وطاعة الرحمن، وفي ظل قيادة راشدة حكيمة.. أمدها الله بعونه وتوفيقه.. إنه سميع مجيب.