سليمان بن عبدالله بن محمد السويلم
الأميرعبد العزيز بن مساعد بن جلوي بن الإمام تركي بن عبد الله بن الإمام محمد بن سعود بن محمد بن مقرن من أشهر وأبرز أمراء آل سعود، شارك مشاركة فعالة في ملحمة توحيد المملكة على يد مؤسسها الملك عبد العزيز طيب الله ثراه بدءاً من استعادة الرياض عام 1319هـ إن لم يكن قبلها وحتى آخر معارك التوحيد عام 1351هـ، وقاد الجيوش والمعارك وبعث ووجه السرايا، وتولى إمارات واسعة وهامة اجتمعت له فيها إمارة حائل والقصيم والشمال في آن واحد، فكان هذا الفارس القائد الأمير العلم بطلاً من أبطال ملحمة التوحيد المعدودين.
ومن الثابت أن الإمام تركي بن عبد الله قد انحصرت ذريته في ثلاثة من أولاده هم الإمام فيصل بن تركي جد الملك عبد العزيز، والأمير جلوي بن تركي جد الأمير عبد العزيز بن مساعد وآل جلوي، والأمير عبد الله بن تركي جد آل تركي وهذا يعني إن أحفاد هؤلاء الثلاثة هم في مرتبة واحدة في سلسلة انتسابهم للأسرة السعودية، ومن هذا التسلسل نتابع سلالة الأمير عبد العزيز بن مساعد التي تبين موقعه ومكانته من آل سعود حفيداً وجداً، وتبين روابط القربى التي تجمعهم ، فالأمير عبد العزيز بن مساعد هو حفيد مؤسس الدولة السعودية الأولى وحفيد مؤسس الدولة السعودية الثانية فجده الثاني الإمام تركي بن عبد الله مؤسس الدولة السعودية الثانية وفيه يجتمع بالملك عبد العزيز وجده الرابع الإمام محمد بن سعود مؤسس الدولة السعودية الأولى، أما أبوه فهو الأمير مساعد بن جلوي بن الإمام تركي بن عبد الله جد الملك خالد بن عبد العزيز وشقيقه الأمير محمد والأميرة العنود فالأمير عبد العزيز بن مساعد خالهم جميعاً، وأمهم الأميرة الجوهرة بنت مساعد بن جلوي.
وقد نزح الأمير مساعد بن جلوي إلى الكويت مع من نزح من آل سعود عام 1309 هـ وبصحبته ابنه عبد العزيز وفي العام نفسه توفي مساعد في الكويت.
أما جده الأمير جلوي بن الإمام تركي بن عبد الله آل سعود فهو الابن الذي ولد للإمام تركي بن عبد الله أثناء جلوته بعد الاستيلاء على الدرعية، فاختار له أبوه هذا الاسم الذي أصبح رمزاً لانطلاقة جهاد وكفاح وبطولة الإمام تركي لاستعادة ملك آل سعود وتأسيس الدولة السعودية الثانية، وعندما كبر الأمير جلوي كان عضد وسند أخيه الإمام فيصل بن تركي ورفيق دربه في مسيرة جهاده. وقد تولى إمارة ناحية القصيم عام 1265 هـ وتوفي عام1285هـ.
ولم تقتصر الروابط الأسرية على كونه حفيد المؤسس الأول والمؤسس الثاني للدولة السعودية بل هذه الروابط الأسرية بينه وبين أبناء الملك عبد العزيز وآل سعود متداخلة ووثيقة وقوية. فهوجد عدد من أحفاد الملك عبد العزيز ومن أسباطه أبناء الملك فهد بن عبد العزيز – يرحمه الله- من سمو الأميرة العنود بنت عبد العزيز بن مساعد وهم أصحاب السمو الملكي الأمراء فيصل بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب – يرحمه الله ،و محمد بن فهد أمير المنطقة الشرقية، وسعود بن فهد نائب رئيس مجلس أمناء مؤسسة العنود الخيرية، والأمير خالد بن فهد، الأميرة لطيفة بنت فهد.
وكذلك أبناء صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران – يرحمه الله- من سمو الأميرة منيرة بنت عبد العزيز بن مساعد وهم أصحاب السمو الملكي الأمراء خالد بن سلطان – نائب وزير الدفاع سابقاً، فهد بن سلطان أمير منطقة تبوك، فيصل بن سلطان أمين عام مؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية، تركي بن سلطان. نائب وزير الثقافة والإعلام– يرحمه الله ،والأميرات : نوف , وجواهر , والبندري ولولوه.
وأبناء صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية – يرحمه الله – من سمو الأميرة الجوهرة بنت عبد العزيز بن مساعد وهم أصحاب السمو الملكي الأمراء سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية حالياً، الأمير محمد بن نايف ولي العهد وزير الداخلية والأميرتان نورة وسارة.
وابنا سمو الأمير فهد بن محمد بن عبد العزيز من سمو الأميرة لولوه بنت عبد العزيز بنت مساعد وهماسمو الأمير عبد الله بن فهد بن محمد وسمو الأميرة نورة.
أما أمه فهي سمو الأميرة الجوهرة بنت ناصر بن فيصل بن هذلول آل سعود، وله من الأبناء صاحب السمو الأمير عبد الله بن عبد العزيز بن مساعد –يرحمه الله -أمير منطقة الحدود الشمالية منذ 1/4/1376هـ وأمير منطقة القصيم سابقاً منذ 1/9/1366هـ وحتى انتقاله لمنطقة الحدود الشمالية، وصاحب السمو الأمير جلوي بن عبد العزيز بن مساعد أمير منطقة نجران، وبناته الأميرات :منيرة, العنود, الجوهرة, لولوة، وقد تقدم ذكرهن بالإضافة إلى الأميرة سارة زوجة سمو الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي أمير المنطقة الشرقية سابقاً، والأميرة موضي: زوجة سمو الأمير بدر بن فهد بن سعد بن عبد الرحمن الفيصل، الأميرة نورة.
عبد العزيز بن مساعد الأمير
لقد حاز سموه الإمارة من جميع معطياتها نسباً كما تقدم ونالها منصباً لأكثر من خمسين عاماً وذلك منذ عام 1339 هـ وحتى عام 1391 هـ تولى خلالها إمارة القصيم وحائل وجمع في أثنائها بين إمارة حائل والقصيم والشمال في فترة تعد من أهم فترات توحيد المملكة. ولم يجتمع ذلك لغيره فقد تولى إمارة القصيم عام 1339 هـ واستمر فيها حتى عام 1341 هـ, وعندما تم فتح حائل ضمت إمارتها إليه في القصيم فكان حينها أمير القصيم وحائل التي تولى إمارتها في أواخر عام 1341 هـ وضمت إمارة القصيم إليه في حائل وأصبح ابن مساعد أمير منطقة حائل والقصيم معاً، وفي شهر رمضان عام 1342 هـ ضمت إليه أيضا إمارة المنطقة الشمالية.
وقد أشار الريحاني في تاريخ نجد إلى كتاب من الملك عبد العزيز مؤرخ في 14/9/1342 جاء فيه :» فقد جئنا القصيم لأمور لابد منها, ومنها الاستعداد للطوارئ , فقد عينا عبد العزيز بن مساعد آل جلوي أميراً على حائل وجعلنا المنطقة الشمالية بما فيه القصيم والجوف وخيبر تحت إمرته وزودناه بالتعليمات الكاملة والقوة الكافية والصلاحيات الواسعة..»
وقد تعدت إمارته الجوف وخيبر بعد مواصلة الفتوحات شمالاً حتى استكمل ضمها عام 1344 هـ فكان سمو الأمير عبد العزيز بن مساعد أميراً للشمال بمفهومه الواسع الذي يمتد حتى الحدود العراقية والأردنية ويصل إلى شمال غربي الحجاز شاملاً الجوف, والقريات وما يعرف حالياً بمنطقة الحدود الشمالية، وكذلك خيبر ومدائن صالح والعلا وتيما وتبوك وحقل.
وكان ابن مساعد مرجع الأمراء في تلك النواحي طيلة ارتباطها به، وكان الملك عبد العزيز عند اتصاله بهم في شأن ما, يوجههم بعده بمراجعة ابن مساعد في هذا الأمر وغيره وامتثال أوامره. وفي رسالة ذكرت في كتاب «من وثائق الملك عبد العزيز» للدكتور عبد الرحمن السبيت مرسلة من جلالته إلى عبد الوهاب أبو ملحة بتاريخ 19/10/1351 هـ يخبره فيها بوصول ابن مساعد ويوجهه بامتثال أمره ثم قال :» المقصود لا تمانعون في شيء يأمر به عليكم من كل الأمور لأنه محل نفسي في جميع الأحوال دقيقها وجلها « .
وبعد أن زالت الأسباب التي استدعت الضم استقلت النواحي المرتبطة بأمير حائل وبالذات بعد انتهاء مرحلة التوحيد، والتثبيت ومن ثم الانتقال إلى مرحلة البناء والتنمية وصدور الأنظمة والتعليمات التي تستدعيها هذه المرحلة فقسمت المملكة إلى عدة إمارات رئيسية واستحدثت إمارات جديدة. وأعيد توزيع النواحي والبلدان عليها فانفصل الشمال عن إمارة حائل تدريجياً وقبله القصيم، فالجوف سلخت من مقاطعة حائل في 12 /4 /1355 هـ وحالياً ضمت إليها القريات وما يتبعها بما فيه وادي السرحان وتبوك أصبحت إمارة رئيسية، وحالياً ألحقت بها تيما وحقل وضباء والوجه، كما ألحقت العلا وخيبر بإمارة المدينة المنورة ، أما ما يعرف حالياً بمنطقة الحدود الشمالية فهي عبارة عن منطقة واسعة تحتوي على تجمعات سكانية موغلة في القدم وتجمعات سكانية حديثة جداً، والقديم منها يقع على موارد المياه، وعلى طرق المواصلات القديمة وبعضها يقع على الحدود ومن ذلك كسبت أهميتها مثل لينة وأم رضمة ولوقه وسماح ونصاب وغيرها.
أما الحديث عنها فقد نشأ مع نشأة خط الأنابيب وتقع التجمعات السكانية على امتداده مثل مدينة عرعر ورفحا وطريف والعويقيلة والشعبة، وهي ما كان يعرف سابقاً بمحافظة خط الأنابيب التي تأسست في 1/9/1369 هـ وتمتد حدودها من رأس مشعاب شرقاً إلى تل الهبر في الشمال الغربي عند الحدود الأردنية، وقد انسلخ الجزء الذي كان يعرف بمحافظة خط الأنابيب عن إمارة حائل أولاً ثم انسلخ بعده بفترة الجزء الآخر الذي يحتوي على المواقع القديمة والحدودية وذلك عندما تأسست إمارة منطقة الحدود الشمالية في 1/4/1376 هـ واعتبارا من هذا التاريخ ألغيت محافظة خط الأنابيب ودمجت في إمارة منطقة الحدود الشمالية. وأصبحت المنطقة تتكون من هذين الجزءين ،وتولى إمارتها صاحب السمو الأمير عبد الله بن عبد العزيز بن مساعد النجل الأكبر لسموه اعتباراً من ذلك التاريخ.
وبعودة إمارة حائل إلى وضعها الحالي بعد فصل القصيم والشمال منها خفت المسئوليات الإدارية عن سموه وتم التركيز على الإدارة المحلية وفقاً للنظم الخاصة بذلك واستمر سمو الأمير عبد العزيز بن مساعد أميراً على حائل حتى تاريخ استقالته في 8/2/1391 هـ
عبد العزيز بن مساعد القائد
لم يكن عبد العزيز بن مساعد أميراً فحسب بل كان قائداً مظفراً وعلماً بارزاً وصفحات تاريخ تأسيس وتوحيد المملكة تشهد له بذلك، ففي ثناياها يبرز دوره القيادي وتُذكر فتوحاته ومعاركه، ففي الجنوب لا يُذكر تاريخ عسير إلا ويذكر عبد العزيز بن مساعد فقد عرفته ابها والسراة عام 1338 هـ فاتحاً ثم عُرِف ثانية عام 1351 هـ في تهامة عسير حاكماً عاماً وقائداً للقوات السعودية. وقائداً لآخر المعارك الهامة.
وارتبط الأميرعبد العزيز بن مساعد بالشمال عندما أعطاه الملك عبد العزيز أوسع الصلاحيات وزوده بالتعليمات والقوة الكافية لغاية مواصلة الفتوحات شمالاً وإنهاء النزاع على الحدود وإخماد الفتن الداخلية وقد تحقق ذلك ولله الحمد.
وشارك سموه في أول المعارك الهامة وهي فتح الرياض عام 1319 هـ و قاد سموه آخر المعارك الهامة في عام 1351 وهي معركة «الحقو» في تهامة عسير وما بين ذلك كان في جهاد متواصلا لأكثر من ثلاثين عاماً فهو إما مشارك للملك عبد العزيز فتوحاته وغزواته وإما قائد للجيوش أو باعث وموجه للسرايا.
فقد شارك الملك عبد العزيز في فتوحات ووقعات منها فتح الرياض في 5/10/1319 وهي أهم الفتوحات التي كان لها ما بعدها. وقد أصيب فيها ابن مساعد. ولم يبلغ حينها العشرين من عمره، وكذلك ضم الخرج والأفلاج والحوطة والحريق ووادي الدواسر، وفتح عنيزة وبريدة, ووقعة السر, وقعة البكيرية, وقعة الشنانة, معركة روضة مهنا, وقعة المجمعة, وقعة الطرفية, وقعة الاشعلي, وقعة الحريق, وقعة هديه ,فتح الإحساء, وقعة جراب, وقعة كنزان: وفيها جرح الملك عبد العزيز وابن مساعد وقتل سعد بن عبد الرحمن اخو الملك عبد العزيز, فتح حايل, وقعة السبلة، وقد تجلت في هذه المعارك بطولة وبسالة وتضحية ابن مساعد كفارس مقدام من فرسان توحيد المملكة.
وهناك الحملات التي قادها بنفسه أو بعث لها السرايا وأهمها ما يتعلق بالفتوحات وإخماد حركات العصيان والتمرد وقد أثبت فيها ابن مساعد انه رجل المهمات والمواقف الصعبة ومن أهم هذه الحملات معركة حجلة التي وقعت في شهر 1338 هـ حيث تم فتح أبها والسراة، وقعة المسعري في 4/4/1348هـ وهي ما يعرف أيضاً « بوقعة أم رضمه «وبعدها تلاشت فتنة الدويش، وقعه حدرج فيها انتهت فتنة تايه أبو عودة بانهزامه في شهر رمضان 1348 هـ، ووقعة جبل شار وفيها انتهت فتنة ابن رفادة في 26/3/1351 هـ ، إلى جانب مـعــركـة الحـقـــو وهي آخر المعارك الهامة وقادها سموه في أواخر عام 1351 هـ وفيها أعيد ضم تهامة عسير وبهذه المعركة اختتم سموه آخر المعارك الهامة في ملحمة توحيد المملكة وتثبيت كيانها.
وتابعت صحيفة أم القرى وصحيفة صوت الحجاز، أخبار سموه منذ توجهه إلى تهامة عسير وحتى عودته. ومما جاء فيهما
(وصول سموه إلى تهامة عسير ومباشرة إدارة الأمور فيها).
نشرت أم القرى في عددها رقم 425 بتاريخ 8/10/1351 هـ خبر وصول الأمير عبد العزيز بن مساعد إلى تهامة عسير واستلامه إدارة الأمور فيها ووصول قواته إلى خط الحدود مع اليمن وتطهير سائر المنطقة.
(عبد العزيز بن مساعد قائداً عاماً في تهامة عسير)، كما نشرت في عددها رقم 442 وتاريخ 8/2/1352هـ خبر عودته من عسير حيث كان قائداً عاماً خلال الأحداث التي قامت هناك.
(التنظيمات الإدارية التي قام بها)
ونشرت أيضا في العدد الذي يليه بتاريخ 15/2/1352 هـ تقريراً يبين التنظيمات الإدارية التي قام بها سموه في منطقة تهامة عسير.
ومثل هذا ذكرت صحيفة صوت الحجاز في عددها رقم (44) بتاريخ 11/10/1351 هـ . وعددها رقم (62) وبتاريخ 26/2/1352، أما في عددها رقم (47) الصادر في 2/11/1351هـ فقد نشرت صحيفة صوت الحجاز خبر إرسال الأمير ابن مساعد مندوبيه للإمام يحي لاستلام الفارين بعد صدور العفو الملكي في حقهم.
عبد العزيز بن مساعد العلم
من المؤكد انه من أعلام آل سعود البارزين والمشهورين أميراً وقائداً وواحداً من كبار آل سعود المعدودين، ولكن علميته لم تقتصر على ذلك بل تعدت لاسمه فصار اسمه علما مستقلا له شهرته الواسعة فيكفي إن يذكر «عبد العزيز بن مساعد» أوابن مساعد فيعرف إن المقصود هو الأمير عبد العزيز بن مساعد بن جلوي بن تركي آل سعود.
وفاته
في 1/3/1397 هـ انتقل سموه إلى رحمه الله تعالى وبقي في ذاكرة تاريخ هذا الوطن. وكان سموه قد ولد في الرياض عام 1302 هـ رحم الله الأمير الفارس القائد عبد العزيز بن مساعد آل سعود .ورحم الله ابنه عبد الله بن عبد العزيز بن مساعد أمير منطقة الحدود الشمالية الذي وافته المنية يوم السبت الموافق السابع عشر من شهر رمضان المبارك عام 1436هـ الذي اكتسب الكثير من صفات والده الحميدة وامضى حياته حتى آخر أيام عمره في خدمة دينه ووطنه ومليكه منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز يرحمه الله وحتى عهد الملك سلمان يحفظه الله وما بين ثنايا هذه السطورنستخلص شيئا من الجوانب الشخصية لسيرة ابنه سمو الأمير عبد الله بن عبد العزيز بن مساعد يرحمه الله. ورحم الله جميع من ذكر من الأحياء والأموات وغفر لهم وجميع المسلمين.