محمد سليمان العنقري
تعكف وزارة العمل حاليًا على تعديل برنامج نطاقات الذي سيسمى نطاقات ثلاثة كمرحلة جديدة من آليات وزارة العمل لتحسين واقع سوق العمل ورفع نسب التوطين وبحسب ما رشح من احتمالات عن التعديلات المزمعة يتضح أنه ستكون فيها مرونة أكثر لتغيير نسب التوطين بالقطاعات لتحقيق نسب توطين أفضل وإنتاجية للمواطنين أعلى وعدم التأثير على أداء القطاع الخاص سلبيًا كمعادلة تحقق نتائج إيجابية وتقلص من السلبيات التي ظهرت في مراحل برنامج نطاقات منذ انطلاقته.
إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه: هل نطاقات هو أفضل الحلول لخفض معدلات البطالة أم أنه مناسب فعلاً لكنه بحاجة لتطوير فقط؟ وللإجابة على هذا التساؤل لا بد من النظر بنوعية فرص العمل التي أنتجها الاقتصاد منذ أول سنة بدأ فيها التوسع بالإنفاق الحكومي أي قبل ما يقارب العشر سنوات التي ارتفعت فيها وتيرة الإنفاق على المشروعات الحكومية كونه المحرك الرئيس للاقتصاد خلال هذه الفترة حيث كانت أغلب الفرص بقطاع التشييد والبناء حيث استحوذ على نحو 50 في المائة من نسب الوظائف عامة بالقطاع الخاص بما يتخطى 4.5 مليون وظيفة غالبيتها وظائف لا تتطلب مؤهلات وذات دخل منخفض وتشغلها العمالة الوافدة وبمعزل عن النسب الأخرى يتضح أن الحاجة أولا تتجه لإعادة النظر بالخطط الاقتصادية لتعزيز دور القطاعات الأكثر استقرارًا والأفضل دخلاً كالصناعة وأنشطة خدمية تحقق الهدف المنشود لتوفير فرص عمل تجذب المواطنين الذين تطورت قدراتهم حيث ارتفعت نسب المتعلمين والمؤهلين بعد الإنفاق الضخم على التعليم وتأهيل الكوادر البشرية.
أما ما يتعلق ببرنامج نطاقات ومدى جدواه لحلول البطالة فبالرغم من ارتفاع معدلات التوظيف بنحو 50 بالمائة إلا أن نسبة البطالة مازالت مرتفعة وتصل إلى 11.7 بالمائة تقريبًا وهي أعلى من نسبتها عند بداية الخطة التنموية التاسعة التي بدأت عام 2010م وكانت في وقتها 9.6 في المائة التي شهدت أعلى حجم إنفاق معتمد بنحو 1440 مليار ريال بالرغم من أنه مازال عديد من مشروعاتها قيد التنفيذ أو لم يبدأ بعد لكنه أقر عمليًا ومبالغها رصدت ويتضح مما ذكر بأن نطاقات مازال تأثيره بخفض البطالة محدودًا مما يستوجب إعادة النظر به كإستراتيجية توطين عامة والانتقال إلى بناء البرنامج بفلسفة مختلفة فما ظهر إلى الآن يوضح أن تلبية طلب القطاع الخاص لتأشيرات العمالة الوافدة مرتبط بمدى التزام المنشآت بنسب التوطين التي تحققها إضافة لالتزامات إضافية ونتج عن ذلك ظواهر سلبية كالسعودة الوهمية التي تحاربها وزارة العمل حاليًا.
كما نتج عنها تعطيل لأعمال المنشآت بالقطاع الخاص تحديدًا ما يخص جوانب تتعلق بموظفيها من الوافدين تحديدًا لمن يقع بالنطاقات الأسوأ كالأحمر والأصفر، حيث تتعطل مصالح الوافدين بعدم تجديد إقاماتهم وتعطيل المنافع التي تخصهم بعيدًا عن المنشأة كتجديد حساباتهم البنكية أو السفر وغيره ولا بد من أن تكون العقوبات تخص المنشأة وليس موظفيها.
لا خلاف على أن وزارة العمل تبذل جهودًا كبيرة لتصحيح وتطوير واقع سوق العمل إلا أن تحقيق الأهداف المرجوة بخفض نسب البطالة يتطلب جهودًا كبيرة من جهات معنية بالشأن الاقتصادي والتنموي لتوليد فرص العمل وكذلك تغييرات عملية ببرامج وزارة العمل تكون دافعة للنهوض بالإنتاجية وتحسين نوعية الفرص المتاحة للمواطنين والقضاء على الظواهر السلبية التي نتجت عن المراحل السابقة لبرنامج نطاقات.