طارق الساكت ">
في ظل هذا الانفجار المعرفي العلمي والفكري الزاخم، وفي ظل التغيير والتعديل والمراجعة المستمرة والكبيرة التي تمارسها الأمم المتقدّمة اليوم لموروثاتها ونظرتها للحياة ونظرتها للآخرين، وجب علينا اليوم أكثر من أي يوم مضى أن نعي وندرك أن تقبلنا للآخرين واجب حضاري وإنساني، يصب في مصلحتنا ويعم نفعه علينا قبل غيرنا لأننا إن تقبلنا الآخرين تصالحنا معهم وتبادلنا الثقافات والتجارب معهم وأفدنا واستفدنا من خبراتهم.
ثم إن مبررات التقبل للآخر كثيرة نذكر منها على سبيل المثال:
أن الحقيقة ليست ملكاً لحضارة من الحضارات، وأنها نسبية في كثير من الأمور المختلف فيها، وأنه نادراً ما ترى أمراً ما يتضمن دليلاً قطعياً تؤمن به كل حضارات الدنيا، ثم إن الاختلاف سنّة كونية وناموس من النواميس التي أودعها الله بالحياة، وألفت الانتباه إلى أن الغرض من هذه السنة الكونية هو التعارف والتعايش لا التناحر والتراشق والنزاعات والصراعات.
كذلك العقول متفاوتة في الفهم والإدراك، والظروف الحياتية والبيئية والتجربة والخبرة، كل ذلك يسهم في أن فلاناً يختلف رأيه عن فلان من الناس.
وإذا أمعنا النظر فنجد الله سبحانه وتعالى خلق الاختلاف في المحسوسات والماديات فكيف بالفكر والمنطق والآراء والعقل الذي جلّ وظائفه غير مادية بتاتاً كما يقول الأطباء.
بعد كل هذا لا أرى مبرراً في أن لا نجد مبرراً لأن نتقبل بعضنا البعض وأن نتعايش سلمياً، ونشترك جميعاً في المساهمة برفع مستوى الفكر الإنساني.