سامي البطاطي ">
كلما ارتقى الشيئان بالحب، تعالوا على الحقوق والواجبات، وصارت دائرة تعاملهم في المستحبات.
ولذا كانت العلاقة الزوجية الناجحة ليست تلك التي لا يقوم الزوج فيها إلا بما كان واجبًا عليه تجاه زوجته، ولا تقوم الزوجة إلا بما كان من حقوق زوجها عليها وحسب، لا يزيدان على ذلك ولا ينقصان، بل تنجح العلاقة حينما يتعالى الطرفان على ذلك وتصبح من المسلمات، وتكون الدائرة التي يتعاملون فيها هي دائرة المستحبات، فيسابق كل طرف الآخر بالحب، وما يزالون في سباق الحب حتى يسبق الموت أحدهما!
بل قد تتحول دائرة المستحبات بالحب إلى واجبات، أليس غالب عتاب المحبين إنما يكون على ذلك، يعاتبه لماذا لم يخبره بسفره؟ لِمَ لَم يسأل عنه منذ فترة؟ إلى غير ذلك مما هو ليس من واجباته عليه، فحق المسلم على المسلم إنما هو في رد السلام وعيادته إذا مرض وإجابة دعوته وتشميته إذا عطس وفي اتباع الجنازة، لكن الحب هو من أدخل تلك المستحبات في دائرة الواجبات، وحقًا هي كذلك، فحقوق المحبين على بعضهم أوسع من حقوق المسلمين على بعضهم.
ألست ترى العبد كلما ازداد حب الله في قلبه، صار تعامله معه بالمستحبات، فيؤدي المستحب أداءه للواجب ويتجنب المكروه تجنبه للمحرم، وما يزال العبد يتقرب إلى الله بالنوافل حتى يحبه.