خالد بن حمد المالك
لست متشائماً أو يائساً أو لدي أدنى شك في أن يوماً ما ستشرق فيه الحلول الضامنة لمعالجة الوضع المتأزم في كامل اليمن وليس في عدن فقط بما يسر الخاطر، وأن هذا اليوم قادم لا محالة حتى وإن تأخر بعض الوقت، فهناك تصميم وعزم وحزم بأنه ما لم يتحقق بالسلم والحكمة والحوار البناء فسوف تفرضه القوة والحزم والعواصف المدوّية.
***
إذ لا يمكن أن يبقى اليمن شماله وجنوبه هكذا بلا نظام، وفي فوضى عارمة، وحرب أهلية طاحنة، ومن دون رئيس وحكومة شرعية، وأن يرتهن القرار لمكون يمني دون آخر، وأن يتاح للأجنبي فرصة العبث بالبلاد، وكأن المصالح الفئوية لا مصالح الوطن والمواطن هي الأمل المنشود والتطلع الذي انتظره المواطنون طويلاً.
***
الأمور لا تُقاس ولا تُحسب هكذا، والشرفاء من اليمنيين لن يتركوا بلادهم ومؤسساتهم وحقوقهم تذروها رياح الأجندة الإيرانية وعملائهم من اليمنيين، فالمقاومة في تنامٍ، والزمن يسير لصالحها بدليل استعادة عدن بمطارها ومينائها من مختطفيها، والمؤامرة وإن كانت كبيرة وخطيرة، إلا أن حقوق الشعوب لا تضيع هدراً، ولا تنتهي بحسب ما يفكر به الحوثي وصالح، أو يصفه ويتبجح به عميل وبوق إيران الكبير حسن نصر الله.
***
لقد عقد مؤتمر جنيف للحوار، وقبله حوار الرياض، وقبلهما صدر قرار مجلس الأمن رقم 2216 فضلاً عن مخرجات الحوار في اليمن، واتفاق الرياض، والفرص التي أتيحت للتهدئة وصولاً إلى إعادة الأمل، وجميعها لم يلتزم بها أتباع عبدالملك الحوثي وعلي عبدالله صالح، لأنها لا تصب في مصلحتهم، ولا تستجيب لآمال وتطلعات إيران، فكان أن بقي اليمن على هذه الحالة التي تأكد أنها لا تومض ولا تشير نحو حل من دون استخدام القوة مع هؤلاء العملاء كما حدث في عدن حيث حُرِّر بالقوة مطارها وميناؤها وأصبحت آمنة ومهيأة لعودة الحكومة لممارسة أعمالها من عدن إلى حين طرد المتمردين من صنعاء.
***
مرة أخرى، ومع كل هذا، فأنا متفائل، وعلى يقين بأن الحل الشامل الذي يبحث عنه الشرفاء من اليمنيين قادم وبقوة، لكنه قد يتأخر بعض الوقت، وإن تأخر، وإن ووجه بالمقاومة الشرسة من العملاء، أو وضعت أمامه العراقيل، إلا أنه في النهاية سوف يحقق أهدافه، ويلبي كل ما يخدم اليمن واليمنيين، بعيداً عن قهرهم، أو التسلط عليهم، أو حرمانهم من حقوقهم.
***
وفي هذا، فإن المملكة ومعها دول التحالف، ستبقى صمام الأمان، ومصدر الحماية، والقوة التي لن تسمح بحلول لا تتفق مع مصلحة اليمن وجيرانها، وهي حاضرة بقواتها العسكرية الضاربة، وستبقى في جاهزية عالية، لإفشال أي مخطط ينحرف باليمن عن هذا الهدف، ولديها القدرة على فرض ذلك، مستجيبة وملبية لما يطلبه منها الأشقاء الأحرار في اليمن، وفي درس عدن ما يكفي للتأكيد على هذا الهدف.
***
ولتتذكر إيران وأدواتها في اليمن بأن المملكة لن تسمح لهم بالمضي في تدمير اليمن وقهر شعبه، اعتقاداً منهم بأن الإضرار بالمملكة وزعزعة الاستقرار المتميز فيها إنما يمر عبر اليمن المنهار أمنياً، وبالتالي الاستمرار في إبقاء البلاد على هذا النحو وبهذه الصورة من الفوضى، وعدم الاستقرار، واستمرار مليشيات الحوثي وصالح بارتكاب الجرائم بحق اليمنيين الأحرار.
***
مرة أخرى، وبعد التطورات والانتصارات الأخيرة في عدن واستعادة مطارها ومينائها، والزحف نحو تحرير ما بقي من أراض جنوبية محتلة، ومن ثم التوجه نحو الشمال، لنكن متفائلين غير متشائمين، يسندنا الإيمان بالله، ثم الثقة بقدرة قواتنا المسلحة في حسم الموقف في كامل اليمن لصالح الشرعية، والثقة بتنامي المقاومة الشعبية التي يقودها ويشارك فيها أبناء اليمن المخلصون، وكل هذا سوف يجعلنا بانتظار اللحظة المشرقة بمولد يمن جديد على كامل أرضه وحدوده، يمن لا يرتهن إلا لأبنائه الشرفاء، ولا يسلّم قراره وأمره لأجنبي دخيل، ولا يقبل بأن يدير شؤونه وحقوقه ومستقبله عملاء باعوا ضمائرهم للشيطان.