عقيد (م )/ محمد بن فراج الشهري ">
في صورة من أبشع صور الجرائم التي شهدها العالم رأينا عرضًا مصورًا لداعش الغبراء وهم يقومون بتكتيف الأسرى وأيديهم من الخلف وأرجلهم مقيدة، ثم يقومون بلف الأسلاك العاثورية حول رقابهم وجعل رؤوسهم في صناديق صغيرة مفخخة بالمتفجرات في منظر مقزز فيه أسوأ صور الانحطاط الإنساني, والاستهتار بخلق الله, من أناس لا يملكون في قلوبهم ذرة من الإيمان أو الرحمة.. قاتلهم الله وشوه صورهم كما شوهوا صور الإسلام والمسلمين, هؤلاء وحوش بل الوحوش أفضل منهم وأرحم.. والسؤال المهم كيف لهذه الفئة أن تدعي الإسلام وتتشدق به؟ كيف لآفة مثل هذه الآفه أن تُصدق وأن تسحب شباب الإسلام إليها وهي تقوم بمثل هذه الجرائم الغريبة التي لم نر لها مثيلاً في سجلات التاريخ والحروب في كافة العصور التي مرت بخلق الله جميعًا.. كل ذلك استهزاء وعبث وجنون بخلق الله قبحهم الله وقبح أفعالهم النكرة والشاذة. ثم بعد ذلك يقولون بأنهم مسلمون.. ما نراه من أعمال هذه الفئة يندى له الجبين، عمل شقي لأناس أشقياء، وفي بعض الأعمال الإجرامية الأخرى نراهم يقومون بعمليات القتل أمام أعين شباب صغار لم يبلغوا الحلم ليزرعوا في أنفسهم الإجرام من الصغر، فهل القتل أصبح وسيلة تسلية عند هذه الجماعات المجرمة وابتكار وسائل تعذيب لم يشهد لها العالم مثيلاً حتى الآن؟ وإذا كانوا يعرفون الإسلام كما يدعون فهل قرؤوا واستوعبوا قوله تعالى في كتابه الكريم حيث قال: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا آية 93 سورة النساء. وقوله تعالى: وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا آية 30 سورة النساء، وهذا ما ينطبق على من يفخخون أنفسهم ويفجرون المساجد وقوله تعالى: مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا آية 32 سورة المائدة، ولكن ما نشاهده الآن ونسمعه خلاف كل النواميس الشرعية وتجاوزًا لما ورد في القرآن والأحاديث النبوية وكل الأعراف والقيم الإنسانية, بشاعة مبعدها بشاعة وإجرام ما بعده إجرام.. والجميع شاهد الجرائم الأخيرة لداعش النكرة التي لم نشهد مثيلها في جميع العصور حيث نشر هذا التنظيم العفن شريطًا مصورًا يظهر فيه قيامهم بإعدام (16) شخصًا شمال العراق بتهمة (التجسس) مستخدمين في ذلك وسائل وحشية جديدة شملت الحرق داخل سيارة كما جرى للكساسبة, والإغراق وفصل الرؤوس باستخدام الأسلاك العاثورية ووضع رؤوس الأشخاص في صندوق مليء بالمتفجرات والأسرى مقيدو اليدين والرجلين، وفي إحدى اللقطات يتم إدخالهم إلى داخل سيارة قبل أن يقفلوا أبوابها ثم قام عنصر ملثم بإطلاق قذيفة صاروخية باتجاة السيارة التي احترقت بفعل الانفجار بينما صورت الكاميرا مناظر من بعيد للأفراد الأربعة وهم يموتون حرقًا. أما الجزء الثاني فظهر عنصر ملثم يقتاد خمسة أشخاص إلى داخل قفص من الحديد, قبل أن يغلقه بقفل وترفع رافعة القفص وتغرقه فيما يبدو أنها بركة سباحة, وجهز القفص بكامرتين صورتا معاناة الأفراد الخمسة تحت الماء, قبل أن يرفع مجددًا وتبدو فيه خمس جثث، ألا ساء ما يعملون. أما المجموعة الثالثة فكان أفرادها السبعة جاثمين على ركبهم جنبًا إلى جنب فيما يبدو أنه سهل, قبل أن يقوم عنصر ملثم بلف حبل أزرق اللون حول رقبة كلٍ منهم وأظهر التسجيل الحبل يتفجر.. وقد كان عبارة عن سلك عاثوري يستخدم للتفجيرات مما أدى إلى انفصال الرؤوس عن الأجساد وتصاعد غبار كثيف في منظر تتقزز منه الحيوانات قبل البشر, إنها جرائم تمثل النزعة المريضة في نفوس هؤلاء القتلة, تمثل فساد عقولهم وتوجهاتهم وأنهم يمثلون صور العبث بالإنسان الذي كرمه الله دون رحمة أو شفقة لأن تلك هي أنفسهم المريضة وسجيتهم وعقولهم المنحرفة وعلى شبابنا أن يعوا ويبصروا بأم أعينهم ما يقوم به هذا التنظيم الشاذ الفاسد فيبتعدوا عن طرق الإغواء التي يتبعها هذا التنظيم لأن من وقع ضمن حوزتهم أصبح حطبًا لهم يستخدمونه في كل مصيبة وكل عار ولعل الذين خرجوا وهربوا وانسحبوا من هذا التنظيم قد ألقوا الضوء الواضح حول ما يدور في ثكنات تلك العصابات من جرائم تغضب الرب وتخالف جميع الشرائع وتسلب الإنسانية مقاليدها الرحمانية بواسطة بشر، الحيوانات أشرف وأطهر منهم فهل من معتبر؟ ألا يكفي ما نشاهده من عبث بالأرواح والأنفس والممتلكات, والأعراض من هذه الفئة أليس ذلك بكافٍ وشافٍ للابتعاد بعيداً جداً عن أي طريق تؤدي إلى هؤلاء الشواذ فكريًا ودينيًا وخلقيًا وإنسانيا, لميعد هنالك دروس وعبر أكبر مما شاهدنا ولا تحتاج الأمور إلى تأكيد, إنها بحق جرائم لم يشهد لها التاريخ مثيلاً سودوا بها وجه التاريخ الحديث سود الله وجوههم وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ آية 227 سورة الشعراء صدق الله العظيم.