عبدالعزيز محمد الروضان ">
نعيش اليوم في وطن ينعم بأمن وارف وعيش رغيد، وكل هذا بفضل من الله الذي صب علينا نعمه مدراراً ثم بفضل ولاة أمرٍ نذروا أنفسهم من أجل أن يكون هذا الوطن علامة فارقة في سماء هذا النسق الدولي الرحب.. فيا أبناء وطني أدركوا بحق أننا نعيش اليوم في هذا الوطن الذي يعتبر نموذجا حياً يُحتذى به. فأجدادنا وآباؤنا كانوا بالأمس القريب والبعيد قد وعوا ما لهذا الوطن من حقوق، فذادوا عنه بالسنان واللسان على الرغم أنهم لم يكونوا بالنعمة التي نحن نتفيأ ظلالها اليوم، ومع ذلك علموا حق هذا الوطن وأنه حق مقدس جاء به الدين ونادى به من يعرف قيمة الوطن. فنحن اليوم في هذا الوطن نجوب أرضه ولا نخشى إلا الله، فالأمن فيه يحدونا من كل جانب، ولقمة عيشه سائغة هانئة. إنه لخليق بنا ونحن على هذه الحالة أن نعض بنواجذنا على هذا الوطن وندافع عنه بكل غالٍ ونفيس، وهو ما يعني أن نعرف حقوقنا وواجباتنا تجاه الوطن، وأن نربي أنفسنا على العطاء قبل أن نتطلع إلى الأخذ.. إن هذا الوطن لن يبقى كذلك إلا إذا وضعنا نصب أعيننا حقوقه قبل حقوقنا. فقد كان آباؤنا يقدسون هذا الوطن على الرغم من شظف العيش، واليوم وقد استجاب الله لدعواتهم فصب الله عليكم العيش صباً مع أمن وارف، ولا أعظم من هاتين النعمتين، وعندما أراد الله تعالى أن يذكر قريش بنعمه عليهم قال لهم: {الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ} إذا كنا اليوم نرفل بهاتين النعمتين فحري بنا أن نشكر المنعم على ذلك. أليس الله تعالى يقول: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} فالله إذاً مع الشكر سيُبقي هذه النعم بل سيزيدها فهذا وعد الله ووعد الله لا يُخلف. وإذا أردنا أن نتشبه بنعم بعيدة عنا وترنو أعيننا إليها فما علينا والحالة هذه سوى الشكر، وقد قال بعض سلفنا الصالح « قيدوا أقصى النعم بشكر أدناها» ويقول آخر « إن النعم إذا شُكرت قرت وإذا جُحدت فرت « وإن كنت قد أغفلت شيئاً فإنه لا يمكن لي أن أُغفل أنه من دواعي بقاء هذه النعم علينا أن نحيط ولاة أمرنا إحاطة السوار بالمعصم، وأن نكن لهم الولاء والحب، وأن نكون تحت رايتهم فهذا ما جاءت به نصوص الشارع الحكيم وهو طاعتهم في المنشط والمكره، كيف لا؟ وهم أمناء على هذا الوطن وأمناء علينا فقد قبلوا هامة كبيرنا ولثموا ثغر صغيرنا ورحموا ضعيفنا وأطعموا فقيرنا. وهم يقولون نفعل ذلك والمنة لله ليست لنا. ولنمعن النظريف يعيش غيرنا مقارنة بما هو عليه الحال في بلادنا، فاللهم احفظ بلادنا من صروف الدهر وتقلب ليله ونهاره واحفظ ولاة أمرنا وأدم علينا هذه النعم.