بقلم - هيمانت تانيجا:
ما عاد تحديد نطاق الأعمال كما في السابق، وبات تأسيس شركة أسهل من أي وقت مضى. وبالنتيجة، تنجح شركات ناشئة في تفكيك مؤسسات تعمل حالياً في السوق، ويتسنّى لها الاستيلاء على حصص هذه الأخيرة وتجييرها لمصلحتها. وسرعان ما ستستولي شركات ناشئة على غرار «ذي هونست كومباني» (منتجات استهلاكية)، و»واربي باركر» (نظارات)، و»إير بي إن بي» (سكن) على حصة سوقية من مؤسسات رائدة، عن طريق تفكيك الأسواق إلى مجالات تخصص محدّدة ومعدّة تحت الطلب بالكثير من الدقّة؛ فيتعذّر على الشركات الراهنة التنافس بالاعتماد على نطاق العمل وحده.
لقد بدأت الفرص تتساوى في مجموعة متنوّعة من القطاعات؛ إذ تتبوأ «تيسلا» مكانة رائدة في قطاع صناعة السيارات، في حين تستحوذ «سولار سيتي» على حصة من مرافق إنتاج الكهرباء، وتعيد «أوبر» تنظيم قطاع سيارات الأجرة، وتستولي شركات على غرار «بلو آبرون» و»كاسبر» على حصص من قطاعات تجزئة متنوّعة؛ وبالتالي تعمل الشركات في جميع القطاعات تقريباً على معاودة تحديد تجربة الزبون.
ثمّة عنصران أساسيّان يوجّهان عمليّة التفكيك هذه، التي تطول الاقتصاد عموماً.
أوّلاً: تُعتَبر هذه الشركات أساساً فرق تصميم منتجات، تركّز نشاطها على التكرار السريع، وتسعى لاكتشاف السوق الأنسب لما تصنّعه. ويتسنّى لهذه الشركات عرض منتجات وخدمات أفضل من تلك التي تقدّمها الشركات العاملة حالياً في السوق؛ لأنّ مجالس الإدارة فيها شديدة التركيز على المنتجات؛ لتنكبّ عادة على تطوير منتجات موجّهة لفئة ثانوية من السكان الذين ينتمون إلى جيل الألفيّة، بالنظر إلى الاستعداد الذي يبديه هذا الأخير لاختبار منتجات جديدة ومشاركة تجربتهم بشكل مفتوح مع بعضهم من خلال تصنيف المنتجات وإعداد مراجعات عنها.
ثانياً: تأخذ هذه الشركات جميع الجوانب المتّصلة بتحديد نطاق عمليّاتها من شركائها؛ ما يخوّلها الحدّ من النفقات الرأسماليّة أو التخفيف من شلل العمليّات، ويمنحها قدرة على التعافي، ويجعلها مستعدّة للنمو. وبفضل خدمات تقدّمها أطراف خارجيّة تصبح قادرة على توسيع نطاق طلب الزبائن بالسرعة الضروريّة.
وبما أنّ تحديد نطاق الأعمال ما عاد يشكّل حجر عثرة لا بدّ للشركات المبتكرة اليوم أن تُظهِر تركيزاً مستمرّاً على نجاح المنتج والزبائن. علماً بأنّ المزايا الاحتكاريّة لعملية تحديد نطاق الأعمال بدأت تنتقل الآن إلى شركات تستخدم منصّات على غرار «أمازون»، و»فيسبوك»، و»أبل بي» و»يوتيوب»، التي أصبحت عناصر أساسيّة لتحديد أداء الاقتصاد.
أمّا الدروس التي تتعلّمها الشركات من ذلك فسهلة، وأوّلها درس للشركات العاملة حاليّاً، مفاده أنّه لا يمكنها تحديد نطاق أعمالها كما كانت تفعل سابقاً. وثانيها درس موجَّه لرواد المشاريع، يقضي بضرورة الاستعانة بسبل تحديد نطاق الأعمال من الغير متى أمكن، والتركيز على تصميم المنتج أكثر من أي أمر آخر.
هيمانت تانيجا - مدير إداري في شركة «جنرال كاتاليست»