اعتدال انكشاف المصارف يدعم استقرار النظام المالي السعودي أمام تقلبات أسعار الفائدة ">
الجزيرة - محمد السلامة:
عزت مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» المرونة التي أظهرها القطاع المالي السعودي تجاه تقلبات أسعار الفائدة على المستوى العالمي، إلى اعتدال الانكشاف الخارجي للمصارف على الرغم من ارتفاع المطلوبات الأجنبية إلى أعلى من مستواها القياسي قبل الأزمة المالية، ففي عام 2014م، شكلت المطلوبات الأجنبية للمصارف 3.9 في المئة من إجمالي المطلوبات.
وأشارت «ساما» في تقريرها للاستقرار المالي إلى أن المشاركة الأجنبية في السوق المالية السعودية محدودة جداً (حيث بلغت 4.6 في المئة من القيمة السوقية للأسهم في عام 2014م)، إلى جانب قلة المصارف الأجنبية العاملة في المملكة، حيث تبلغ موجوداتها حالياً حوالي 11 في المئة من إجمالي الموجودات المصرفية، حيث ساهمت هذه العوامل جميعها في إيجاد نظام مالي مستقر ومتطور بشكل جيد ومنظم، وكدليل على هذا الاستقرار، لم يتعرض النظام المالي السعودي إلى أي ضغوط تصاعدية ملموسة على أسعار الفائدة المحلية، ولم يشهد تدفقات رأسمالية إلى الخارج في أعقاب إعلان بنك الاحتياطي الفيدرالي البدء في سياسة إنهاء برنامج التيسير الكمي أواخر العام الماضي، ولفت التقرير إلى أن المصارف العاملة في المملكة كانت مرنة حيال الصدمات الخارجية خلال الأعوام الأخيرة بسبب سلامة أوضاعها المتعلقة بالسيولة ورأس المال، إضافة إلى قدرتها على الحد من تأثير الاضطرابات المالية من خلال تطبيق مختلف الأنظمة الاحترازية الكلية في الوقت المناسب.
كما أكد التقرير أن نمو الناتج المحلي الإجمالي كان ضمن مساره في معظم دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية (حيث بلغ متوسط معدل النمو حوالي 3.6 في المئة في عام 2014م) رغم هبوط أسعار النفط خلال النصف الثاني من السنة، وعزى التقرير هذا النمو بشكل كبير إلى ارتفاع الإنفاق الرأسمالي العام والنمو المتسارع للائتمان، حيث واصل الائتمان الممنوح من القطاع الخاص توسعه وأدى دوراً رئيساً في دعم الاقتصاد غير النفطي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، كما ظل التضخم معتدلاً نظراً لانخفاض الأسعار العالمية للقمح والمواد الغذائية الأخرى، مما عوض الضغط التصاعدي في تكاليف الإسكان، كما ظل تضخم أسعار الواردات معتدلاً نظراً لتحسن المحاصيل في عام 2013م، والنمو المتباطئ في دول الشركاء التجاريين التي ينتمي معظمها إلى دول الاقتصادات المتقدمة، وبحسب التقرير فإنه وفي ظل ارتفاع الإنفاق العام على الصحة والتعليم والبنية التحتية، يبدو أن أغلب دول مجلس التعاون في وضع ملائم لتطبيق سياسة اقتصادية معاكسة للدورة الاقتصادية نظراً لحجم أرصدتها المالية الخارجية واحتياطيات المالية العامة والتي من شأنها إعادة التوازن في حال انخفاض عوائد النفط بشكل مؤقت ومعتدل، إلا أن انخفاض أسعار النفط لأجل طويل قد يخلق بعض المخاطر عندما تستنزف الاحتياطيات وترتفع الحساسية تجاه أسواق الدين.
وأكدت «ساما» في تقريرها أن المخاطر الجيوسياسية، تخضع توقعات الاقتصاد الكلي في المملكة إلى متغير سلبي خارجي رئيس وهو الضغط التنازلي على أسعار النفط العالمية الناجم عن الفجوة بين العرض والطلب، واحتمال حدوث تباطؤ اقتصادي في اقتصادات الأسواق الناشئة، وارتفاع سعر الدولار الأمريكي، حيث أشارت إلى أن اقتصادات الأسواق الناشئة تستحوذ على حصة كبيرة من الطلب العالمي على النفط، ولهذا السبب يمكن أن ينتج عن التباطؤ الكبير والمتواصل في اقتصادات الأسواق الناشئة كالصين ضغوط تنازلية على أسعار النفط العالمية مما يهدد فرص النمو في المملكة، مبينةً أنه وعلى الرغم من ذلك، فإنَّ الاقتصاد السعودي يتمتع بوضع قوي يمكنه من مواجهة تبعات هذه التطورات الخارجية السلبية، حيث يمثل رأس المال القوي ووضع السيولة في النظام المالي السعودي خط الدفاع الأول المحتمل الذي يمكن أن يحيّد أثر هذه التطورات غير المواتية، وأما خط الدفاع الثاني فهو قدرة الحكومة على دعم المبادرات المحلية للنمو الخاصة بمواجهة التقلبات الاقتصادية وذلك من خلال وضع المالية العامة الجيد والحيازات الكبيرة من النقد الأجنبي، وبذلك تقلل من الآثار السلبية المحتملة، وعلى الرغم من احتمال تباطؤ النمو، فإنَّ «ساما» توقعت أن يظل النظام المالي السعودي متيناً بشكل يمكنه من تقديم الدعم المطلوب للتصدي لتأثير التطورات المستقبلية السلبية وضمان تحقيق الاستقرار المالي.