محمد المنيف
استطاعت أمانة الرياض بعلمها أو بدونه أن تحقق هدفاً لم يستطع المختصين في الثقافة ومؤسساتها القيام به، تمثل ذلك في ما قامت به خلال أيام العيد من الأخذ بالثقافة البصرية النخبوية إلى الثقافة العامة (الشعبية) ففي كل عام شاهدنا وشهدنا على ما حققته الفعاليات الفنية من تميز بجمعها مختلف الفنون المتوارثة في مجتمعنا والمتوافقة مع قيمنا الإسلامية وتقاليدنا المجتمعية استطاعت الأمانة بها أرضاء كل الأذواق وأبدعت في بلورتها ومزجها لتخرج على طبق بنكهة وطنية تتوازى وتتوافق مع ما تتجه إليه الرياض في استمرار الريادة كمدينة حضارية فكسبت رقي المخرجات التي جمعت المضامين بالفعل المؤسسي والممنهج أو الآتي ضمن سياق الفعل بناء على تفاعل المشاهدين ومنحهم وجبات تزيدهم وتكسبهم ثقافة جديدة.
نعم نحن بحاجة ماسة لسبل تفريغ الشحن النفسي الذي يعيشه الفرد في مدننا التي اكتظت بالسكان والمباني وإعداد السيارات وظروف العمل وفي مقدمتها العاصمة الرياض من خلال نشر ثقافة الفرح والتواصل بين أفراد المجتمع للخروج من إطار الاسرة أو الحي إلى مساحة أكبر و أكثر تقارب وتفاعل ومشاركة وجدانية يشعر فيها أهل الرياض بالعلاقات الحميمة بين أحيائها دون تفضيل أو تصنيف.
لن نتحدث عن التفاصيل في كل ما قامت به الأمانة فهي كثيرة لكننا سنجملها في الفعاليات التي تشكل الإطار العام لاحتفالات الرياض والمتعلقة بالثقافة البصرية وفي مقدمتها الفنون المسرحية التي أصبح المسرح رمزاً وعلامة بارزة وجزءاً من هوية احتفالات أمانة منطقة الرياض، أما لجانب الآخر فهو في ذكاء المنظمين للفعاليات التي قامت بتوزيع تلك الفعاليات في مواقع متعددة منحت جمهور الرياض ومن كل أحيائه المترامية الأطراف أن يلتقوا ويختاروا ما يحلو لهم مع ما تم التركيز عليه في اختيار الأحياء الأكثر كثافة والمواقع التاريخية فجمعت الأمانة بهذا التنوع كل روافد الثقافة من سياحة وتاريخ وترفيه دون أن ننسى ما شملته الفعاليات من ثقافة التجارة الشعبية المتمثلة في منح الأسر المنتجة طرح إنتاجهم وتسويقها في تلك الفعاليات.
إن الوصول إلى مساحة شعبية كما وصلت أمانة الرياض ليس سهلاً بقدر ما يشكل فوزاً كبيراً ونجاحاً يدفع المنفذين للفعاليات بالتفكير في الجديد القادم ويجعل الجمهور في شوق وترقب لهذا الجديد في قابل الأعوام لإرضاء جمهور يزيد عدده عام بعد عام يشعر به كل من وضع فكرة أو كلف بإدارة عمل أو مراقب ومتابع للتنفيذ ويرصد النتائج.
لتصبح وقوداً ذهنياً يدفع للحماس لا يخلو من القلق الإيجابي نحو البحث عن تطوير ما تم ومراجعة السلبيات لتي أجزم أن الجمهور قد أذابها في ما شاهده من نجاح.
إن مثل هذا التفاعل والتنظيم واختيار الأنشطة والفعاليات لو تحقق له الاستمرار في أوقات متقاربة لا تتوقف عند الأعياد أجزم أنها ستكون أحد العلاجات الناجعة للقضاء على ما أصاب جيل الشباب من فيروسات الإرهاب ويمنحهم تفعيل ملكات الإبداع لديهم.