أمل بنت فهد
من اعتاد سرقة التوافه وما خف حمله وصغر حجمه.. فهو في طريقه لسرقة ما ثقل وزنه وكبر حجمه.. إذا تهيأت له الظروف فهو بلا ذمة ولا ضمير.. وإن لم تتهيأ سيجد الفرصة ويفتعلها.. فالعقل عندما يتعلق بأمر ما.. يصل إليه طال الزمان أم قصر.
وهذا الضجيج والخوف من سن قانون واضح وصريح لمعاقبة المتحرش والتوقعات الخرافية لنتائجه ليست واقعية.. لأن التحرش الجنسي ليس بين الرجل والمرأة فقط.. إنما بين الجنسين من نفس النوع.. وبين بالغ وطفل.. وهنا لا خوف من الاختلاط الذي نظن أنه غير موجود.. فنحن نختلط في الأسواق والمستشفيات والشارع وفي الحج وفي بعض مواقع العمل وفي البيوت مع المحارم و و و إلخ.
فما هو المانع و»البعبع» الذي يخشاه من يرفض سن قانون رادع يحمي الضحية ويحمي المتحرش من تفاقم حالته.. فمن يعتاد التحرش فهو مشروع مُغتصب محتمل.. لوجود العلة.. علة التلذذ بأخذ ما ليس متاحاً بالقوة والسرقة وفي الأماكن المعتمة والقصية والمزدحمة.. سر اللذة عنده يكمن في خوف الضحية وارتباكها وضعفها وليس تبرجها كما يعتقدون.. لأنه مريض ومنحرف.
التحرش فرض الذات على الآخر.. فرض القوة.. فرض الألم.. فرض الهيمنة.. طريق آخر يؤدي إلى السادية.. لا يعنيه أن تكون الضحية عارية أو مغطاة.. فهو جبان لا يعرف كيف يعبر عن نفسه.. إنما يستخدم عنصر المفاجأة والمباغتة.. كاللص تماماً.
إن الربط بين الزنا والتحرش غير منطقي.. وسن قانون التحرش لن يفتح باب الزنا أو الاختلاط.. إنما سيقف حاجزاً منيعاً أمام مجرم في طريقه لأن يكون أعنف وأبشع.. لأن قوته لا تتعاظم إلا أمام الضعيف.. لذا فالقانون الصادم والحازم يخيفه ويعيقه.. بدلاً من أن تكون أكبر مخاوفه محصورة في إفصاح الضحية عنه وفضحه.. وغالباً لا يحدث أن تتحدث الضحية.. لأنه يختارها بعناية لتكون ملائمة للصمت والخوف والانكسار.. ما بين طفل أو ضعيف الشخصية ذكراً كان أم أنثى.
لذا آن الأوان ليكون التحرش مستقلاً بجريمته البشعة.. وعقوبته.. وتنفيذه.. كفانا نلاحق الأوهام ونترك الحقائق تموت وهي تصرخ بنا.. فما نراه مصوراً على مواقع التواصل ليس شيئاً يذكر أمام ما سكت عنه.. امنحوا الضحايا فرصة الاعتراف بألمهم.. وعجزهم.. ففيهم من يرزح تحت وطأة التحرش عمراً طويلاً.. ومنهم من أعاقته حادثة تحرش عن حياة طبيعية.. ومنهم من سيكون متحرشاً مستقبلاً لأن بعض التحرش يسبب استفاقة مبكرة لمعنى الجنس عنده.. مثله مثل من اغتصب في طفولته.