د. أحمد الفراج
ربما تكون الانتخابات الأمريكية القادمة في 2016 من أشرس سباقات الرئاسة، فعدد الذين ترشحوا حتى الآن كبير جداً، خصوصاً مرشحي الحزب الجمهوري، ولا يمكن لأحد أن يتوقع ماذا سيحدث، فأي حدث أمريكي أو عالمي قد يقلب الموازين، فقبل أشهر فقط، كانت المرشحة الديمقراطية، هيلاري كلينتون هي فرس الرهان، لدرجة أن هناك من جزم بفوزها بمنصب الرئيس، وكذا الحال مع المرشح الجمهوري، جيب بوش، والذي كان فرسا جامحا في ميدان السباق، حتى ارتكب خطأ شنيعا، لا زالت آثاره تلاحقه، وقد كتبت مقالا مستقلا عن ذلك، ولعلكم تتذكرون أن المرشح الديمقراطي للرئاسة في عام 2004، جون كيري، وزير الخارجية الحالي، كان على وشك الفوز بالرئاسة، وفجأة، وقبل موعد الإنتخابات بأيام، تم تسريب شريط لأسامة ابن لادن!!، عن طريق قناة الجزيرة، وهدد ابن لادن، في ذلك الشريط، بأنه سيحرق العالم!!، وحينها شعر الأمريكيون بأنه لن ينقذهم من هجوم ابن لادن إلا إدارة بوش الابن، وهكذا تسبب ابن لادن في فوز عدوه اللدود، جورج بوش الابن بتلك الانتخابات!!.
الملياردير الشهير، دونالد ترمب، والذي ارتبط اسمه بمسابقات ملكات الجمال، وبمدينة القمار التي لا تنام، لاس فيجاس، أعلن ترشحد للرئاسة في الانتخابات القادمة 2016، وهذا البليونير وقح، وعنصري، فهو الذي ظل يلاحق باراك أوباما حول شهادة ميلاده، ويتهمه بأنه لم يولد في أمريكا، وأساء كثيرا لأوباما، فما كان من الأخير، وهو الهادئ بطبعه، إلا أن استضاف السيد ترمب في إحدى حفلات البيت الأبيض، وعندما حان وقت القاء أوباما لكلمته، وقف أمام الميكرفون، وتندر على ترمب بشكل لاذع، فبعد أن عرض شهادة ميلاده على شاشة عرض كبيرة، قال أوباما للحاضرين، أثناء عرض صور متلاحقة على الشاشة لفتيات شبه عاريات على شاطئ بحري :» انظروا..هذه صور الحملة الانتخابية لدونالد ترمب!!»، في إشارة خبيثة إلى أن ترمب لا علاقة له بالسياسة، وقد ضحك الحضور طويلا، بينما كان ترمب متوترا، ولا يدري ماذا يفعل، ولا يراودني شك بأن أوباما تشفى من غريمه ترمب بأفضل طريقة ممكنة، واوباما ليس على ما يبدو من هدوء ووقار، فقد أثبت أنه قد يغضب، وأنه إذا فعل ذلك قادر على الانتقام من أقسى الخصوم!!.
دونالد ترمب، وخلال فترة قصيرة منذ ترشحة لانتخابات الرئاسة القادمة، ارتكب أخطاء شنيعة، فقد هاجم المهاجرين، وسخر منهم، وهو السلوك الذي أغضب الجاليات اللاتينية، وهي الجاليات التي يحسب لصوتها ألف حساب، ولم يكتف بهذا، اذ تهجم على السيناتور الجمهوري البارز، جون مكين، وقال إن وقوعه في الأسر، أثناء حرب فيتنام، لا يجعل منه بطلا قوميا !!، وقد أثار ذلك غضب الساسة، في كلا الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، وغضب الناخب الأمريكي، فالسيناتور مكين يعتبر بطل حرب، وقد وقع في الأسر، وتلقى إصابات بالغة، لا زال يعاني منها حتى اليوم، وهو من عائلة عسكرية بارزة، فوالده وجده كانا جنرالين بارزين، ومع ذلك رفض ترمب أن يعتذر، كما رفض أن ينسحب من السباق الرئاسئ، رغم الدعوات الكبيرة التي طالبته بذلك، وبعضها من أعضاء حزبه الجمهوري، ولا ندري ماذا يخبئ المستقبل . هذا، ولكن المؤكد هو أن المرشحين من أمثال دونالد ترمب لا أمل لهم بالفوز، وإنما يضيفون نكهة مميزة على الإنتخابات الرئاسية الأشهر عالميا، فالعرض بدأ، وسيستمر حتى شهر نوفمبر 2016، فاستمتعوا بهذا العرض العظيم!!.