د. عبدالعزيز الجار الله
لا بد من السؤال، لماذا تفوق إعلام داعش وسبق الإعلام الرسمي العربي الذي ضخت فيه الحكومات العربية المليارات من الدولارات سنويا، إضافة إلى المحطات التابعة للحكومات والموالية لها في الوطن العربي وفي العالم الإسلامي، وانتقل الأمر إلى أوروبا وقد يعبر ويصل إلى الأمريكيتين، فلا توجد عاصمة عربية لا يرفع بها علم أو راية داعش السوداء، ولا توجد دولة لم ينضم بعض أبنائها إلى داعش.
طورت داعش من نفسها بعد أن شعرت أن لها قبولاً والدخول أفواجاً في دعوتها في معظم دول العالم، وغيرت من تسميتها وخطابها الإعلامي لتنقله من الإطار المحلي الضيق والمحدود إلى الفضاء الأوسع؛ فغيرت تسميتها من الدولة الإسلامية في الشام والعراق إلى التسمية الأشمل دولة الخلافة الإسلامية، وأصبحت تجذب الشباب بل الأسر والعائلات من أوروبا وآسيا وإفريقيا دون استثناء واعتقدوا بأفكارها وعقيدتها، في حين وقف إعلام العالم العربي بل إعلام العالم الإسلامي مكتوف الأيدي، بل استجاب في بعض الحالات إلى أطروحات داعش وبدأ يرددها مثل ربطه لما يفعله من جرائم بأنه رداً على مذابح إسرائيل في غزة والضفة الغربية، وربطه لجرائمه بالمذابح والقتل الذي تعرضت له أفغانستان عام 2001م، وقبل ذلك الجنود الذين قتلوا أثناء تحرير الكويت عام 1991م، ثم الجنود الذين قتلوا في غزو أمريكا للعراق عام 2003م، استطاعت داعش تصوير المآسي أنها ظلم تعرض له العالم الإسلامي طوال تاريخه وحتى تعود الكرامة الإسلامية للشعوب لا بد أن تعود الخلافة الإسلامية.
الملفت أن إعلام داعش استطاع إقناع عائلات مسلمة في أوروبا، كما أنه اجتذب شباباً وشابات من غير الديانة الإسلامية، وانتشر فكرها سريعاً عبر التواصل الاجتماعي، معه فشلت جميع الجهات الرقابية عن وقفه أو لجمه بل على العكس استفحل وأصبح المادة الغنية الأكثر جذباً للشباب.
يحتاج الإعلام العربي إلى إعادة بناء جديد يركز على الداخل وبخاصة التواصل الاجتماعي الإعلام الجديد في الجامعات وبرامج الابتعاث، فالذي يدير محتوى داعش هم من المحترفين في مجال الإعداد والإخراج والمونتاج والمراسلين العاملين في الشبكات العالمية، كما يتم الاستعانة بمتعاطفين مع فكر داعش يتم تصويرهم بأنهم مدافعين عن قضايا العرب والخلافة الإسلامية. إذا لم يتحرك الإعلام العربي والعالم الإسلامي بشكل سريع وشامل فسيجتاح إعلام داعش المدارس والجامعات ويجتاح هذا الجيل الذي يتشكل على بعض انتصارات داعش في سوريا والعراق والعواصم العربية.