د. عيد بن حجيج بن عيد الجهني ">
جبل رضوى من سلسلة جبال السروات فهو جبل مشهور منذ القدم شهرته تجاوزت الحدود وارتبطت به أمثال وأبيات من الشعر ومواقف كثيرة. ومن بين تلك الأمثال قولهم: « أثقل من رضوى» وورد في كتب التاريخ: «أن عمرو بن العاص رضي الله عنه لما نزل به الموت قال له ابنه: يا أبتِ قد كنت تقول: إني لأعجب من رجل ينزل به الموت ومعه عقله ولسانه كيف لا يصفه؟.. فقال: يا بني الموت أعظم من أن يوصف! ولكن سأصف لك منه شيئاً، والله لكأن على كتفي جبال رضوى وتهامة».
وورد في الأمثال: أخطب من قس بن ساعدة وأكرم من حاتم الطائي وأثقل من رضوى..
وكذلك ورد رضوى في شواهد كثيرة مثل:
قول المتنبي:
ما كنت آمل قبل نَعشْك أن أرى
رضوى على أيدي الرجال يسيرُ
وقول كثير عزة:
ولو وزنت رضوى الجبال بحلمه
لمال رضوى حلمه ويرمرم
وقول أبي العلاء المعري:
يهم الليالي ما أنا مضمر
ويثقل رضوى ما أنا حامل
ومن خلال الاطلاع على خرائط جوجل يتضح أنه ليس جبلاً وحيداً، بل هو مجموعة من الجبال المتكاتفة التي تشكل دائرة جبلية يتجاوز قطرها من الطرف الشرقي إلى الطرف الغربي أكثر من 27 كيلومتراً وبارتفاع بصل إلى 2300 متر وحول هذه الدائرة القرى المحيطة بها مثل تلعة نزا, النجف, ينبع النخل, العشيش وغيرها.
ولابد من الإشارة للبيئة الفريدة لمجموعة رضوى الجبيلة وهي ثقيلة الحجم وعالية الارتفاع التي ساهمت بظهور سمات وصفات فريدة ونادرة في شبه الجزيرة العربية، ويمكن وصف تلك البيئة بأنها محمية طبيعية نباتية وحيوانية في نفس الوقت فالقرب من شواطئ البحر الأحمر ساهم بالنقل اليومي للسحب التي تصل بكل سهولة ويسر إلى رؤوس جبل رضوى والتي سميت منذ القدم بالشماريخ حيث قال حسان بن ثابت:
لنا حاضرٌ فعمٌ، وبادٍ كأنهُ
شماريخُ رضوى عزةً، وتكرماً
و شارك العقاد بوصف رضوى بقوله:
جناحين لو طارا لَنَصْتْ فدَوَّمَتْ
شَمارِيْخَ رَضْوى واسْتَقَلَ يَلَمْلَمُ
أما الجانب التاريخي يبرز مكانة وثقل رضوى من خلال ارتباط هذا الجانب ببعض الشخصيات التي كان لها دور في تاريخ هذا الوطن منها المحادثات التي تمت مع الملك فاروق على جانب شاطئ يعرف بذلك الوقت باسم خليج رضوى وفي ذلك قال المؤرخ فؤاد شاكر والذي كان مرافقاً للملك عبدالعزيز -رحمهما الله- قصيدة عنوانها: تحية رضوى.
أما الشيخ حمد الجاسر -رحمه الله- فله موقف طريف ورد في كتابه بلاد ينبع: حيث كان يشرح لطلاب الصف السادس عن جبل (رضوى) يقول (فكان مما قلت في أول يوم دخلت فيه المدرسة وفي أول درس ألقيته:
«رضوى جبل قريب من المدينة، سهل ترقاه الإبل». ولعلي رجعت في ذلك إلى أحد شروح مقامات الحريري، فما كان من الطلاب عندما سمعوا هذا الكلام مني إلا أن قالوا بصوت واحد: لا يا أستاذ! ها هو جبل رضوى أمامك -وكانت النافذة مفتوحة- وليس قريباً من المدينة، ولا تستطيع الإبل أن ترقى أعلاه. سررت بهذا التصحيح، وشكرت الطلاب، وبينت لهم أن أكثر الذين يحددون المواضع في بلاد العرب كانوا يعتمدون على النقل، وما كانوا يكتبون عن مشاهدة. فجاءت كتاباتهم ناقصة خاطئة، وحمدت لتلاميذي موقفهم.
من هذا الموقف الطريف يتضح النقاش المتميز بين المعلم والطلاب بالرغم أنهم في مرحلة التعليم الإبتدائي. ولكن صعوبة سير وارتقاء الإبل لجبال رضوى ساهم بوجود بيئة منعزلة عن المحيط القريب منها وانتشرت الحكايات التي تروى عن شخصيات قديمة وحديثة لها قصص وأساطير بحاجة للتحقيق والتثبت والدراسة.
ومن تلك الجوانب التي يمكن أن تدرس عن هذه الكتلة الجبيلة الفريدة جانب التنمية الاقتصادية من خلال تأسيس شركة تنمية تحمل اسم الجبل تقوم بمشروعات متنوعة وفق خطط تحقق أهدافاً وموارد اقتصادية تساهم في التنمية الشاملة لهذا الوطن وتكون بمثابة رد واقعي علي كثير من روايات الخيال والأساطير المنتشرة في الصفحات الرقمية والورقية عن جبال رضوى.